أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد شحاتة يعيد تعريف المصريين فى المترو بتراث الجنوب عبر "حكاوى الصعيد"

السبت، 12 نوفمبر 2016 09:00 م
محمد شحاتة يعيد تعريف المصريين فى المترو بتراث الجنوب عبر "حكاوى الصعيد" محمد شحاتة الباحث فى التراث الشعبى
كتبت سارة درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على إيقاع الربابة المميز الذى يعيدك إلى جلسات السمر الشعبية يسحبك "محمد شحاتة" الشاعر والباحث فى التراث الشعبى إلى عالمه بهدوء، يخبرك أنه سيبدأ للتو قص الحكاية الأولى من "حكاوى الصعيد" بعد أن "يعلق على الشاى" فتتذكر على الفور "الشاى الصعيدى" الشهير الذى يمثل الطقس الأهم فى جلسات السمر بالجنوب، وينطلق بلهجة جنوبية محببة فى تعريفك على أحد عادات الصعيد أو أبطاله الشعبيين أو قصصه التراثية الخالدة.
 
 
عبر أثير الإذاعة الداخلية لمحطات مترو أنفاق القاهرة يتم بث "حكاوى الصعيد" كأحد برامج "راديو كيميت" أول محطة راديو مخصصة لركاب المترو، محاولاً "تعريف أهل مصر بعادات الصعيد وتقاليده التى شوهتها بعض المسلسلات والأفلام وأظهرت الجوانب السلبية فقط له، دون أن تذكر سبب وجود هذه السلبيات وكيفية معالجتها" كما يقول "محمد شحاتة" لـ"اليوم السابع".
 
ويضيف "إلى جانب هذا يزخر الصعيد بالعادات الإيجابية مثل الكرم والتعاون وغيرها، ويزخر أيضًا بعباقرة وعلماء فى كافة المجالات نحتاج للتعريف بهم وبمنجزاتهم، ولهذا عندما دعيت من قبل إدارة إذاعة راديو "كيميت" لتقديم فكرة برنامج خاص عن التراث الشعبى المصرى باعتبارى باحث فى التراث الشعبى والأنثروبولوجيا فكرت فى هذا البرنامج".
 
محمد شحاتة أثناء تسجيل إحدى حلقات حكاوى الصعيد
محمد شحاتة أثناء تسجيل إحدى حلقات حكاوى الصعيد
أهداف عدة وضعها "شحاتة" نصب عينيه حين فكر فى البرنامج أهمها الحد من الانعزال الثقافى للصعيد نتيجة ما عاناه لسنوات طويلة من التهميش، ويقول "العادات التى يتمسك بها أهل الصعيد هى جزء لا يتجزأ من ثقافة المصريين على مر العصور بداية من العصر الفرعونى إلى وقتنا الحالى، غير أن ما يميز الصعيد هو أنه لم يتأثر كثيراً بالتغيرات الثقافية التى مر بها المجتمع، وظل محتفظاً بأصالته وعبق الماضى الذى نشتم ريحه من وقت استقلال القطار المتجه للجنوب، ومن المفترض أننا كمصريين نمثل نسيجاً واحداً، وتعرف أهل القاهرة على ثقافة أهل الصعيد سيجعل هذا النسيج متماسك وقوى.
 
أيضاً عادات وتقاليد أهل الصعيد أصبحت الآن موضوعات لرسائل الماجستير والدكتوراة فى الجامعات المصرية والعربية والأجنبية أيضاً، فلابد من وجود مصادر يوثق الباحثون من خلالها أبحاثهم، وما نفعله فى برنامج "حكاوى الصعيد" هو تعريف بتلك الثقافة بشكل مبسط يفهمه العامة والمثقفون أيضاً".
 

شحاتة: نقل التراث من الكتب إلى الإذاعة يحقق انتشارًا جيدًا

ويرى "شحاتة" الذى درس علم الأنثروبولوجيا عام 2013 فى معهد البحوث والدراسات الأفريفية بجامعة القاهرة أن فكرة تحويل التراث من الكتب إلى ملفات مسموعة تحقق له انتشارًا أكبر، خاصة فى خضم انشغال الجميع بالبحث عن لقمة العيش وعدم وجود وقت كافِ لتصفح الكتب، ويقول "الكتب قد يكون أسلوب كتابتها العلمى البحت يخاطب المتخصصين أكثر، لذلك رحبت بفكرة عرض التراث من خلال الإذاعة، خاصة أنها تمنح المتلقى فرصة التخيل والتصور وإعمال الفكر".
 
محمد شحاتة
محمد شحاتة
ومنذ بداية إذاعة حلقات "حكاوى الصعيد" عبر إذاعة "كيميت" وعبر الإنترنت على مواقع التواصل الاجتماعى و"يوتيوب" كانت ردود الفعل مرضية بالنسبة لـ"شحاتة" الذى يقول" تلقيت ردود فعل طيبة من سواء من الأساتذة المتخصصين فى التراث الشعبى، أو المستمعين المحبين لهذا اللون من البرامج، وأكثر ما لفت نظرهم هو البساطة فى تناول تاريخ وعادات أهل الصعيد، والجميع رحب بالفكرة لأنها جديدة وتساير العصر وتحافظ فى نفس الوقت على تراثنا الشعبى وتعد أداة هامة لنشره وتعريف العامة به".
 

الفائدة والمعلومة والمرح.. معايير اختيار موضوعات الحلقات

ولأن جعبة التراث الصعيدى مليئة بالحكايات الشيقة والمتنوعة يضع "شحاتة" عدة معايير عند انتقاء الحكاية التى يعرضها ويقول "اختار الحكاية التى أستطيع أن أعرض من خلالها عادة من من عادات أهل الصعيد ويخرج المستمع بعد سماعها بفائدة ومعلومة عن ثقافة الصعيد، وأراعى أن تكون الحكاية لطيفة وبها جانب من المرح لتبعث البهجة على نفوس المستمعين الذين يستقلون مترو الأنفاق للذهاب والإياب من أعمالهم، ويحتاجون لجانب ترفيهى ينسيهم معاناة العمل والطريق ويمنحهم الفائدة أيضاً".
 
ويضيف "لأنى من أهل الصعيد وأعيش بينهم فأنا أستمع لتلك الحكايات بشكل يومى وأعايش الأحداث والعادات والتقاليد والمعتقدات وأمارسها أيضاً، وهذا ساعدنى كثيراً على إنتقاء الحكاية التى أستطيع من خلالها أن أعرض عادة".
 

الثأر.. حكاية الصعيد الملطخة بالدم 

باعتبار الثأر جزء مهم من ثقافة الصعيد وعامل مهم فى تشكيل تراثه وتاريخه أفرد "شحاتة" عدة حلقات تناولت الموضوع نفسه، ليس فقط من خلال استعراض حكايات الثأر الشهيرة فى الصعيد والسبب وراء  اشتعالها، وإنما أفرد حلقة كاملة لاستعراض بعض الحلول لوقف هذه العادة الخطيرة فى الجنوب.
 
 
وقال "شحاتة" "لاحظت التفاعل الكبير من المستمعين لتلك الحلقات (التى تناولت الثأر)، لأن تلك العادة من أخطر العادات فى الصعيد، مما دعانى لعرض بعض تلك الحلول والمقترحات على الجمهور بشكل مختصر وبسيط كنوع من التفاعل والمشاركة ومحاولة وضع حلول حقيقية لعادة الثأر وآثارها السلبية على الصعيد".
 

شحاتة: الاهتمام يزداد بتوثيق التراث ولكننا نحتاج المزيد من الجهود

يرى الباحث فى التراث الشعبى أن هناك القليل من الوسائل للحفاظ على التراث الشعبى المصرى بشكل عام من خلال سلاسل النشر التابعة لوزارة الثقافة، ولكنه يرى أيضًا أننا نحتاج المزيد لأن التراث المصرى كبير وعريق ويحتاج لجهد كبير فى جمعه وحفظه فى أرشيف كبير ليعرف المصريون تراثهم القديم ويعرفه غيرهم، وعن اهتمام الإعلام بتراث الجنوب يقول "أعتقد أن الأمور بدأت فى التحسن للأفضل، فالآن توجد قنوات خاصة بالصعيد تابعة لوزارة الإعلام، لكن نتمنى أن تقدم للصعيد بشكل أفضل ويكون بها مختصين لعرض المادة العلمية الموثقة، بدلاً من الاجتهاد بشكل يشوه التراث بمعلومات مغلوطة أحياناً".
 
ولم تتوقف مساهمة "شحاتة" فى استعراض الثقافة المصرية الشعبية عبر "راديو كيميت" عند "حكاوى الصعيد" فيقول "أقوم أيضًا بإعداد برنامج "طعم مصر الذى يقدمه "أحمد راضى" ونعرض من خلاله التراث الغنائى لمصر من جنوبها لشمالها مثل "السمسمية والكف والنميم والضمة والإنشاد الدينى والقصص الشعبى ... وغيرها" لأن تلك الأغانى قاربت على الإختفاء وحلت محلها الأغانى الغربية أو ما يطلق عليها ظلماً وعدواناً "الأغانى الشعبية" وهى بعيدة كل البعد عن تراثنا الشعبى الجميل الذى يقدم حتى من خلال أغانيه حكمة وفائدة للمتلقى".
شعار راديو كيميت
شعار راديو كيميت
يشار إلى أن "راديو كيميت" هو أول محطة إذاعية تبث عبر الإذاعة الداخلية لمحطة مترو الأنفاق فى مصر، وبدأ بثها التجريبى فى 6 أكتوبر الماضى، وبعدها بأيام بدأ البث الرسمى.
 
وأسس إذاعة "كيميت" المهندس تامر شعلان صاحب فكرتها ومدير الإذاعة، وشاركه فى ظهورها للنور عدد من الشباب المتطوعين بهدف تأصيل الهوية المصرية وتوعية المصريين بتاريخ وتراث بلدهم بالإضافة إلى إمتاعهم وإفادتهم فى الوقت نفسه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة