يختلف جميع البشر فى تفسيرهم للموت، فالحديث عنه خارج الإطار الدينى يسبب فى بعض الأحيان خلافا كبيرا بين المتدينين والمتحدث من وجهة نظر علمية، أو فكرية، أو فلسفية.
ولأن للدراما التليفزيونية تأثيرها وقوتها الخاصة على الملتقى، فلم يكن غريباً على ساحر القلوب الفنان الكبير الراحل محمود عبد العزيز، أن يعيد التأكيد على أهمية وجمالية محبة الحياة، وفى الوقت نفسه عدم الترهيب والخوف من الموت.
بزر ذلك بشكل واضح وملفت فى مسلسل "جبل الحلال"، وهو من تأليف الكاتب ناصر عبد الرحمن، ومن إخراج عادل أديب، والذى كان يتناول الأخطار التى تلتف حول الإنسان نتيجة للغلو والتشدد وضيق الفكر والأفق، فأحداث المسلسل لم تتعمد المباشرة لتتحدث عن خطورة الجماعات الإسلامية المتطرفة، التى تتخذ الدين ستاراً لها من أجل تنفيذ مخططاتها، وقد بدا ذلك فى العديد من المشاهد التى تتعلق بآراء ومواقف يعرفها الجميع مثل "الموالد" والاختلاف والتشدد بين التحليل والتحريم.
ولأن الحديث عن هذا المسلسل، ودور الراحل محمود عبد العزيز، من خلال شخصية "أبو هيبة" قد يطول لعدة مقالات تحليلية، فإن من بين أهم ما ركز عليه الساحر فى هذا المسلسل، هو محاولة تقريب ماهية الموت للمتلقى، وهو ما قدمه أبو هيبة فى موقفين مختلفين يعبرا عما يريد إيصاله للجمهور المتلقى على اختلاف ثقافته ووعيه.
أول هذه المشاهد حينما كان يتحدث لخدمه فى بيته، مفسراً عدم خوفه من الموت، حيث يقول:
ماتخافش على أبو هيبة يا حامد .. اللى شاف الموت ما يخافش منه .. أصلى شوفته وعرفته .. أقسم بالله شوفته وهو جاى علشان ياخد عمرى حسيت إنى طلعت لفوق لفوق وشفت الأرض كأنها حبة رمل متساويش .. وتحس إنك خفيف .. خفيف .. والموت حنين وعمال يطمنك.. وشوفت قدامى شريط بيدور زى البكرة ما بيقفش .. الشريط كله صور .. وأنا هنا.. وأنا فى الجيش .. وأنا فى البلد وأنا بقع .. والنار من غير عود فى جسمى .. اللي يحس الموت ويصاحبه بتتغير حياته.. بعدين إحنا بنخاف من الموت ليه.. وكلنا موتنا كذا مرة .. وأنت شاب بيموت الطفل وأنت شايب وعجوز بيموت الشاب.. كلنا موتنا كذا مرة وكل مرة بنبكى.. لكن مافيش أغلى من الحياة.. أول ما تفتح عينك الصبح لازم تشكر ربنا وتسلم على الشمس والأكل والشجر والزرع وتسلم على قميصك اللى أنت لابسه.
أما عن الموقف الثانى، فتمثل مع أهل العلم، والطب، حيث يقول:
حد يخاف من الموت يا دكتور .. اللى يخاف منه يبقى تعبان أوى.. كيف تخاف من خواف.. طبعا خواف لو مش خواف مايجيش مستحبى.. أقولك هو مش خواف هو خجول لدرجة أنه مش عايز حد يشوفه.. قربت منه وقرب منى كتير وحسيت بأنفاسه.. للموت أنفاس خفيفة زى النسمة ما يحسهاش إلا المقصود تحس ببرد نضيف داخل صدرك.. هوا.. ملهوش مصدر ريحته جميلة.. بيروحك من الحتة اللى إنت فيها .. تبقى شايف الناس والناس شيفاك لكن لا تقدر تكلمها ولا تقدر تقولهم يبعدوا كل اللى عليك تعمله إنك تصاحبه تطاوعه.. آه لو كل حد عرف أنه هيقابله مرة واحدة ماكنش حد عمل الشر ده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة