لا أحد يعرف ما هذه الحياة؟.. لا نعرف تحديدًا كيف بدأت ولا لماذا بدأت؟.. ثم نراها وهى تنتهى دون أن ندرك لماذا تنتهى؟.. هذه الأسئلة ازدحمت فى رأسى عقب وفاة النجم محمود عبد العزيز وقبله نور الشريف، وتساءلت أيضا ماذا يبقى من الإنسان بعد رحيله؟.. إن عمله وفنه لا يعوضان الغياب الكبير الذى يتركه مهما كان حجم هذه الأعمال وهذا التاريخ.
رسم كاريكاتورى لشخصيات الساحر من أعمال إيهاب النوبى
ارتباطنا بالفنان شىء عاطفى خارج عن الإرادة.. هو الحب الذى يحكمنا ويتحكم فينا.. الكلمة فى حياتنا للعاطفة وحدها.. وحياتنا بها محمود عبد العزيز.. نجم جميل حساس.. ينفعل بأى شىء فيبكى.. عندما يحزن يبكى.. وعندما يفرح يبكى.. وعندما يوجه له الجمهور التحية يبكى.. لكن عندما هاجمه المرض ضحك ولم يبك.. وفضّل الوحدة.. الجلوس مع النفس أفضل جدًا.. حيث العتاب ولحظات الشجن وزفرات الدموع.
الساحرمحمود عبد العزيز
أحيانًا يتذكر الإنسان تاريخه فى لحظة تسرقه من نفسه.. وربما صادف محمود عبد العزيز هذه اللحظة كثيرًا.. فيتخيل ذلك التاريخ وبدايات المشوار الذى تزامن تقريبا مع نصر أكتوبر عام 1973، بمسلسل "الدوامة" إخراج نور الدمرداش.. وقتها وقف أمام نجم المرحلة محمود ياسين، كان حضوره لا يقل عنه، رغم أنه ممثل مبتدئ.. لينطلق بعدها فى أفلام البدايات والتى حملت جميعها الرومانسية والنعومة بدءًا من "الحفيد" و"حتى آخر العمر" و"مع حبى وأشواقى"، و"قلوب فى بحر الدموع" وحتى "حب لا يرى الشمس" و"الدرب الأحمر".
محمود عبد العزيز
بعدها دخل النجم الوسيم مرحلة جديدة تقريبا من عام 1982 عندما قدم فيلم "العار" مع النجمين نور الشريف وحسين فهمى والمخرج على عبد الخالق، واتبعه بسلسلة أعمال أكدت على نجوميته وجعلت منه نجما، لعل أهمها "وكالة البلح" مع نادية الجندى، و"العذراء والشعر الأبيض" و"أرجوك اعطنى هذا الدواء" مع نبيلة عبيد، ثم "الكيف" وأكمل المشوار.
محمود عبد العزيز
فى آواخر الثمانينات بدأ الساحر يتمرد على فنه، بأفلام الفانتازيا مع المخرج الراحل رأفت الميهى، وقدم "السادة الرجال" و"سمك لبن تمر هندى" وسيداتى آنساتى"، ليذهب مباشرة ومع مطلع التسعينات وتحديدا عام 1991 الى كاميرا داود عبد السيد ليلتقيا معا فى رائعة "الكيت كات"، لتولد شخصية "الشيخ حسنى" التى اشتهر بها الفنان الكبير الراحل.. وظل الساحر ينوع فى شخصياته طوال التسعينات وحتى مطلع الألفية من "الجنتل" لـ "النمس" لـ "سوق المتعة" لـ "الساحر"، لينهى النجم مسيرته السينمائية فى عام 2009 بشخصية البلطجى "عبد الملك زرزور" التى قدمها فى فيلم "إبراهيم الأبيض" مع أحمد السقا والمخرج مروان حامد، وكأن القدر أراد أن ينهى النجم الذى اشتهر بأدوار الرومانسية مشواره بـ "البلطجة".
محمود عبد العزيز
هكذا كان محمود عبد العزيز.. فنان متمرد على فنه وشخصياته، وهكذا كانت أيضا رحلته مع الدنيا أشبه بفيلم سينمائى، به شجن وفرح ودموع.. لكن بعد الحزن الذى ملأ قلوب كل الناس على رحيله، عرفت إجابة السؤال ومنين بيجى الشجن؟!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة