من أجمل القصص التى تحضرنى فى علم الادارة والتى تنسب لمصادر مجهولة حسب الكتب والمواقع الادارية المتعددة، أن احد المراسلين الصحفيين سأل مدير بنك كبير عن سر نجاحه، فأجابه مدير البنك قائلا: سأجيبك بكلمتين، "بالقرارات الناجحة"، فقال له الصحفى، وكيف تمكنت من الوصول إلى هذه القرارات الناجحة يا سيدى؟ فأجابه المدير قائلا: سأجيبك بكلمة واحدة " بالخبرة " فقال له الصحفى وكيف تمكنت من اكتساب هذه الخبرة؟ فقال له "بالقرارات الخاطئة"، قد ينظر البعض إلى هذه القصة على أنها قصة عادية، مليئة بكلام نظرى لا يمت للواقع الحقيقى بصلة، ولعلنا سمعناها كثيرا فى برامج ومقالات التنمية البشرية، ولكن فى حقيقة الأمر أن هذه القصة القصيرة تحمل فى كبدها معانى أعمق من ظاهرها بكثير، فحياة الانسان هى سلسلة من القرارات سواء أكانت قرارات خاطئة أو صائبة، ومن ناحية أخرى أن كل حياة الانسان بشكل عام بمجمل تفاصيلها وصولا إلى دقائقها، تشكلها تلك القرارات، فإن تطور حياته وارتقاؤه على سلم الحياة عبر هذه الخريطة التى يرسمها هو بنفسه من خلال قراراته الصغيرة والكبيرة، رهين بمقدار ما يتحصل عليه من خبرات يكتسبها عبر قراراته التى ستعود عليه بنتائج سلبية، وهى الاهم فى رأيى، لأن نتائج تلك القرارات الخاطئة تصنف ضمن أقوى الدروس التى تؤثر فى شخصية الفرد، فهى بمثابة درس حقيقى يتعلم من خلاله الفرد خبرات وأمور حياتية مختلفة، لكن المفارقة الإنسانية الجميلة أن العديد من الناس لا يلقون لهذا بالا فتسير حياتهم بالدفع الذاتى، وكأنهم ريش فى مهب الريح ولا يبالون على أرض وقعوا وفى أى ناحية صاروا، لذلك فإن أحد الأمور الأكثر أهمية هى عدم الندم على أى قرارات خاطئة يقوم بأخذها الفرد، فهى فرصة ليتعلم منها أمور لم يكن ليتعلمها دون تلك القرارات على أى حال . أن حياة الانسان هى ملك يديه، وان ظهر لى من سيقول أن حياة الانسان محكومة فى نهاية المطاف بقدر الله، فسأقول له بالطبع نعم، ولكن بقرارات الانسان وحسن اختياره وتعلمه من تجاربه سيفر من قدر الله إلى قدر الله، كما قال يوما الفاروق عمر بن الخطاب . فمقدار القرارات الخاطئة التى يتخذها الانسان فى حياته هى التى تشكل حياته المستقبلية، بل وتشكل تلك التغذية الراجعة التى يعود لها الانسان ليعيد النظر فى قراراته وحياته المستقبلية، فأن لم تصب فى اتخاذ قرار ما لا تحزن، وتفاؤل، وحاول الخروج من تلك التجربة بدروس مستفادة بغية عدم تكرارها مرة أخرى، فمن لا يخطئ لا يتعلم، ومن لا يتعلم لا ينجح، فلم يخطئ باالمرة من شبه هذه الحياة بالمدرسة ! . احسنوا اتخاذ قراراتكم، فكروا جيدا، وكونوا على يقين لا يشوبه شائب أن حياتك بيدك انت، وانت فقط من سيعيشها وسيتحمل كل ما يحدث فيها عاجلا أم آجلا، فشكل حياتك حسبما تريد، لا حسب ما يريده الآخرون .
شخص يتعلم
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة