ترحيب هنا وخوف هناك، وقلق وتوتر ينتاب غالبية حكام العالم، هذا هو الوضع الحالى بعد قدوم الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، الذى أثار موجة من التكهنات حول سياسته الخارجية، دفعت العديد من الدول إلى البحث عن طرق جديدة للتعامل مع الساكن الجديد للبيت الأبيض.
الرهان حالياً على أن ترامب سيعمل على تغيير خريطة التحالفات فى العالم، فحلفاء الولايات المتحدة الحاليون ربما يجدوا أنفسهم فى وضع حرج بعد تولى ترامب الرئاسة رسمياً يوم 20 يناير المقبل، خاصة أن تصريحاته خلال حملته الانتخابية تنبئ بوجود تغيرات جذرية ستحدث فى سياسات واشنطن الخارجية.
المتابعون للوضع يميلون إلى أن وجود ترامب، وكذلك سيطرة الجمهوريين على مجلسى النواب والشيوخ، يمثل ضربة غير متوقعة لحلفاء واشنطن فى الشرق الأوسط، وتحديداً دول الخليج، فالحزب الجمهورى هو صاحب قانون «جاستا»، الذى يسمح لأهالى ضحايا 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية، والحصول منها على تعويضات، كما أن ترامب فى حملته الانتخابية لمح إلى سياسته المستقبلية تجاه الخليج، حينما أعرب عن رغبته فى إقامة مناطق آمنة بسوريا، وقال: «نريد إقامة مناطق آمنة فى سوريا، وسأذهب إلى دول الخليج التى لا تقوم بالكثير، صدقونى، دول الخليج لا تملك أى شىء، لكنها تملك الأموال، سأجعلها تدفع الأموال»، وبعدها اتخذ ترامب سلوكاً جديداً فى التعامل مع السعودية، بقوله فى 27 مارس الماضى: «ينبغى على الدول التى تتمتع بحماية الولايات المتحدة أن تدفع ثمن هذه الحماية، حتى الدول التى تملك موارد ضخمة مثل السعودية»، كما لمح فى تصريحات لصحيفة «نيويورك تايمز» بأنه قد يوقف استيراد النفط من السعودية، ما لم تشارك الأخيرة بجيشها فى الحرب على تنظيم داعش الإرهابى، أو أن تعوض الولايات المتحدة عن الجهود التى تبذلها فى محاربة التنظيم.
ترامب سار على نهج خلال الحملة الانتخابية قائم على «أنه ينبغى على الدول التى تتمتع بحماية الولايات المتحدة أن تدفع ثمن هذه الحماية، لن تبقى السعودية طويلًا دوننا.. لا نسترد مقابل ما ننفقه من خدمات ضخمة نقوم بها لحماية العديد من الدول، الآن السعودية واحدة من هذه الدول»، وهو ما أثار قلق الخليجيين من التوجهات الجديدة للبيت الأبيض تحت قيادة ترامب، وكذلك سيطرة الجمهوريين على الكونجرس.
من يتابع الردود الخليجية سيجدها حتى الآن متوازنة، فهى مرحبة وأن كان بحذر شديد بفوز ترامب، لكن فى الكواليس هناك شبه اتفاق على ضرورة أن يكون هناك استعداد قوى للتعامل مع التحديات الجديدة التى سيخلفها وجود ترامب، وربما تكون القمة الخليجية التى ستعقد فى البحرين أوائل ديسمبر المقبل فرصة للتشاور بين قادة الخليج للوصول إلى صيغة مشتركة للتعامل مع ترامب وإدارته الجديدة، لكن قبل أن تلتئم هذه القمة فهناك مداولات تتم حالياً بين العواصم الخليجية تدور مجملها حول أهمية الظهور بشكل متماسك فى وجه ترامب، بالإضافة إلى إعداد مشروع متكامل عن أزمات المنطقة ورؤية الخليج لها وشكل التعاون الخليجى الأمريكى مستقبلاً وعرضها على إدارة ترامب، لقطع الطريق أمام أى قوى أخرى، سواء إقليمية أو دولية تحاول إفساد العلاقات الخليجية الأمريكية.
لكن أيا كانت النتائج، فإننا أمام توجه جديد فى العلاقات الأمريكية الخليجية، سيكون له تداعيات كثيرة على المنطقة مستقبلاً، خاصة إذا ربطنا تصريحات ترامب «الصادمة» تجاه دول الخليج، مع تقربه من روسيا ورؤيته القائمة على ضرورة مواجهة الإرهاب فى سوريا، حتى وإن أدى ذلك إلى بقاء نظام الأسد، فكل هذه الأمور تشير إلى أن الأيام المقبلة ستكون صعبة فى العلاقات الخليجية الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة