بيننا أساتذة فى العكننة وتعكير المزاج، هوايتهم المفضلة السير فى عكس الاتجاه، «خالف تُعرف» واضرب كرسى فى الكلوب، فإذا حقق المنتخب فوزا عزيزا على غانا، خرجوا علينا بتحليلات عجيبة، إما بالزعم أن النظام نجح فى استغلال المباراة، للتغطية على تعويم الدولار واتفاق الصندوق، وإلهاء الناس بعيدا عن مشاكلهم، وإما بالإشادة بالفريق الغانى والقول إنه كان الأفضل والأحق بالفوز، وأن فريقنا فاز بالفهلوة وبركة دعا الوالدين، وإذا التقى الرئيس بفتاة عربة البضاعة، تكريما لقيمة العمل والاحترام، شوهوا اللقاء الإنسانى بتحليلات لا علاقة لها بالموضوع، وصلت إلى حد الادعاء بأن صورة البنت مفبركه وتمثيلية.
بيننا «أساتذة» لا يرون فى الحياة إلا الجانب المظلم، ويريدون تعميمه على الجميع لتزداد معدلات التشاؤم والاكتئاب، مع أن الحياة والبشر والتدهور الأخلاقى، وغيرها من الأمور السلبية تقوم بالواجب وزيادة، وإذا أضيف إليهم أساتذة «خالف تعرف»، ازدادت صعوبات الحياة على أرض مصر، وتحولنا إلى شعب يهوى جلد الذات، واستدعاء الهم والغم والنكد، والبحث فقط عن بقع سوداء لإطفاء أى أمل أو بريق.
كثير من شعوب العالم فقيرة ولكنها سعيدة، والشعوب المتطلعة للحياة تغلف قسوتها باللمسات الإنسانية، والبحث عن القيم والمعانى النبيلة، وترسيخ المواقف الأخلاقية لمقاومة التدهور والانهيار، فما الذى يزعج أساتذة الوعى الكاذب، إذا خرج المصريون فى الشوارع عقب مباراة غانا، يحملون علم مصر ويهتفون باسمها، وتوحدت قلوبهم ومشاعرهم على معنى جميل، تذوب فيه الألوان والعصبيات وتتحد خلف العلم والهتاف؟، وما علاقة ذلك بالصندوق والدولار؟، وهل تكون أيضا تمثيلية من إعداد وإخراج النظام، لو هُزم المنتخب وخرجت الجماهير الغفيرة من استاد برج العرب، فى حالة حزن وغضب؟.
قس على ذلك الكثير وتستطيع أن تحدد ماذا سيقول «الاستاذ فلان»، قبل أن يفتح فمه ويتحدث، لأنها مدرسة وكل خريجيها بهذا الشكل والنمط، ويشجع الآخرين على الانضمام لها، إنها الأكثر رواجا وانتشارا ولها السيطرة والسيادة على الفضاء الإعلامى، وتزداد سطوتها ونفوذها بمداهنة الكبار لها، إما خوفا من الألسنة اللاذعة، أو طمعا فى الإشادة والمديح، وفى كل الأحوال نحن أمام ظاهرة إعلامية مصرية، ربما لا مثيل لها فى العالم.