ترامب فاز لأنه اهتم بقضايا تفاعل معها المواطن الأمريكى مثل الهجرة والوظائف
اتبع ترامب وحملته الانتخابية سياسة «كلما تطرفت أكثر.. ربحت أكثر»، فقد وجد ترامب نفسه أثناء الانتخابات أمام شخصية شهيرة لها خبرات سياسية كثيرة ومكثت فى البيت الأبيض ثمانى سنوات وزوجة رئيس أسبق ناجح ووزيرة خارجية سابقة ملمة بالقضايا الدولية، وهو ليس له أى رصيد سياسى فكيف يهزمها إلا إذا دغدغ عواطف الأمريكيين وهزهم وجدانياً بقضايا أكثرها يدغدغ العواطف أكثر من مخاطبة العقول، ووجد أذاناً مصغية فى شعب أصاب بعض شبابه التطرف والعنصرية ضد الآخر أو ضد النساء أو الأجانب أو تقليد البريطانيين فى الانسحاب من المنظومة الغربية أو الاهتمام بحقوق الإنسان.
«تطرف أكثر تكسب أعظم» هذه فلسفة قميئة تصلح أحياناً فى أوقات يغفل فيها الزمان عن الحكماء والعقلاء وذوى النجدة والعفو والكرم، فالعقلاء والحكماء مكروهون من كل الأطراف، لأنهم أعظم من أن يكونوا أتباعاً لأحد أو خدما أو عبيداً لأحد، وهذه القاعدة شبه مضطردة فى أوقات الصراعات والفتن خاصة وشيوع التعصب والتطرف بين الناس.
من أهم أسباب فوز ترامب هو تركيزه على القضايا الداخلية بأسلوب الصدمة وبطريقة غير تقليدية، فى حين أن العرب يهتمون بالسياسة الخارجية، والمواطن الأمريكى لا تهمه السياسة الخارجية كثيراً، ولا الموقف من العرب، ترامب فاز لأنه ركز على الداخل الأمريكى واهتم بقضايا تفاعل معها المواطن الأمريكى مثل الهجرة، والوظائف.
أراد الرئيس الأمريكى فوز هيلارى وأراد الشعب ترامب فذهبت إرادة الرئيس أدراج الرياح وبقيت كلمة الشعب.. أرادت كل مؤسسات الدولة الأمريكية هيلارى، رئيساً لأنها سترتاح معها ولأنها تفهم دولاب العمل فى هذه المؤسسات وأراد الشعب ترامب، فانتصرت إرادة الشعب وانهزمت إرادة المؤسسات.. أراد الإعلام هيلارى ورغب الشعب فى ترامب فانتصر الشعب على الإعلام... أراد المحللون السياسيون هيلارى ولكن الشعب فضل ترامب فمضت كلمة الشعب. إذاً فقد انتصر الشعب على الرئيس وعلى كل المؤسسات الأمريكية العنيدة وعلى الإعلام والمحللين، ومضت كلمة الشعب مثل السيف على رقبة هؤلاء.
منذ فترة كانت الحكومة البريطانية ورئيس الوزراء البريطانى يرون البقاء فى الاتحاد الأوروبى، ولكن الشعب البريطانى صوت فى استفتاء شفاف ونظيف أنه يرفض البقاء فى الاتحاد الأوروبى، ربما كان قرار البريطانيين خاطئاً، ولكن رئيس الوزراء والحكومة رضخت لأمر الشعب، فاستقال رئيس الحكومة لأن نتيجة التصويت ضد سياسته، وتغلبت إرادة الشعب، فهل يمكن أن يحدث ذلك فى أى بلد عربى.
ترامب سيغير سياسة أوباما الخارجية جذرياً، وتبقى التفاصيل فقط التى قد لا يعرفها ترامب نفسه حتى الآن.. ترامب لن ينفع العرب إذا كانوا متفرقين متخاذلين خاملين، ولن يضرهم إذا كانوا أقوياء متكاتفين متحضرين مجتهدين ويهتمون بشعوبهم أكثر من اهتمامهم بالسيد الأمريكى الجديد، مع صعود ترامب فى أمريكا سيصعد اليمين المتطرف مرة أخرى لحكم أمريكا ويعزز مواقعه ويجذب أنصاراً جدداً، وسيعزز فرص اليمين الأمريكى المتطرف الصعود اليمينى المتطرف حالياً فى النمسا وألمانيا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، وقد يجر ذلك إلى كارثة كبرى على الغرب قبل الشرق، ولكن هذا اليمين المتطرف ما كان ليصعد ويجد له مكاناً فى سدة الحكم فى أمريكا وأوروبا لولا موجه الإرهاب الدينى التى تزعمتها داعش وأخواتها بغباء وقسوة وسذاجة منقطعة النظير, ولولا جنون داعش وأخواتها ما اضطر الناخب الأمريكى لاختيار التطرف فى مقابل التطرف، ليقع الإسلام والمسلمون الحقيقيون بين مطرقة داعش والحشد الشعبى وسندان ترامب وأمثاله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة