فى شارع عبد العزيز فى عهد الخديوى سعيد كان يتألق الفرع العملاق لشركة عمر أفندى ويشع بأنواره على نهر النيل العظيم، تتهافت إليه قلوب وعقول المصريين والأجانب على حد سواء لشراء ما يحتاجونه، عام 1856 وبعدها بنحو 150 عاما، انطفأت أنوار عمر أفندى لتغيب فى دهاليز المشاكل.
لم يكن من بنوا الفرع يدركون أن الأيام تحمل الأسوأ له نتيجة تراكم المشكلات والإهمال، وإلا ما كان عائلة أودلف أوروزدى ذات الأصول النمساوية أسست شركات عمر افندى تحت اسم "أوروزدى باك" وفق أعظم الطرز العالمية، (فى مكانه الذى ما زال قائماً فى شارع عبد العزيز بالقاهرة لتلبية احتياجات العملاء من المصريين والأجانب، وذلك فى عهد الخديوى سعيد باشا، وصممه المعمارى راؤول براندن، وهو مكون من ستة طوابق.
لمع صيت الشركة كواحدة من أعرق وأشهر السلاسل التجارية فى العالم بعد أن اشتراها أحد أثرياء مصر اليهود عام 1921، وأطلق عليها عمر أفندى، حتى قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميمها عام 1957.
شهد عام 1967 تحويل شركة عمر أفندى بموجب القرار الجمهورى رقم 544 لسنة 1967 إلى شركة مساهمة مصرية تتبع الشركة القابضة للتجارة.
شهدت الشركة سنوات من النشاط حتى مطلع الثمانينيات ثم حاصرتها المشاكل وغطتها الديون وأرادت الحكومة أن تتخلص منها بما تملكه من فروع تاريخية.
وفى عام 2005 أعلنت الحكومة عن بيع عمر أفندى لشركة أنوال السعودية المملوكة لرجل الأعمال السعودى جميل القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه، وهو أقل من قيمتها كثيرا بحسب اللجنة التى شكلت لدراسة ذلك الأمر خاصة أن خصخصة الشركة شهد العديد من الإنتقادات، حيث كانت مبيعاتها السنوية تتراوح ما بين 360 و380 مليون جنيه، وهى تمثل 50% من حجم المبيعات التى كانت تحققها فى السنوات السابقة.
كانت المؤامرة واضحة وهى تصفية الشركة وتركها المستثمر مكبلة بديون بلغت نحو 1,2 مليار جنيه وحصل على اكثر من قيمة ما باعه منها ورحل.
وفى عام 2011 قضت محكمة القضاء الإدارى بعودة الشركة مرة أخرى للدولة عن الحكم فى الدعوى 11492 لسنة 65 قضائية الصادر فى 7/5/2011 من دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار الدائرة السابعة برئاسة المستشار حمدى ياسين.
وتم إلحاقها بالشركة القابضة للتشييد والتعمير التى تحملت الأعباء وباتت تدفع رواتب العاملين دون إيرادات كافية وسعت للتخلص منها إلا أنه فشلت فى ذلك.
وتعرضت الشركة العملاقة للعديد من دعاوى الإفلاس من البنوك ومن الموردين بخلاف تدنى أجور العاملين فيها لدرجة أن هناك من يتقاضى 600 جنيه شهريا.
كما قررت المحكمة استرداد الدولة لجميع أصول وفروع الشركة مطهرة من كل الديون وإعادة العاملين إلى سابق أوضاعهم مع منحهم كامل مستحقاتهم عن الفترة منذ إبرام العقد، وحتى تنفيذ الحكم وتحمل المشترى وحده جميل القنبيط كامل الديون والمستلزمات خلال نفاذ العقد، وبطلان البيع الذى تم منه.
وأحالت المحكمة جميع الأوراق، التى حصلت عليها وأصدرت الحكم، إلى كل جهات التحقيق ممثلة فى النيابة العامة ونيابة الأموال العامة والكسب غير المشروع والنيابة التجارية.
وبين المدعى أن البيع تم نظير مبلغ 590 مليون جنيه وذلك مقابل جميع فروع عمر أفندى البالغ عددها 82 فرع على مستوى الجمهورية فى حين يصل سعر أحد الفروع فقط وهو فرع أحمد عبد العزيز إلى أكثر من 700 مليون جنيه وحده وذلك لأن مساحة هذا الفرع 700 متر مربع وسعر المتر فى هذه المنطقة لا يقل عن 100 ألف جنيه، وكذلك فرع المحلة الكبرى الذى لا يقل سعر متر الأرض فيه عن 60 ألف جنيه هذا بالإضافة إلى فروع شارع مراد والإسكندرية وباقى الفروع الأخرى التى شيدت بأفضل المناطق على مستوى الجمهورية وقيمة أراضى الفروع فقط لا تقل أبدا عن 4 مليارات جنيه على الأقل.
محمد لبيب أحد المشاركين فى رفع الدعوى القضائية لاستعادة الشركة قال لـ"اليوم السابع" أن الشركة ما تزال بحاجة لدعم حكومى كبير لاستعادة أموالها من المالية وأيضا مستحقاتها لدى المالك السابق.
وأضاف أن الشركة كانت ضحية الخصخصة، وتم التصميم على بيع شركه عمر أفندى وكانت قيمتها مليار ومائة وتسعة وثلاثون مليون جنيه بناء عن اللجنة المشكلة بالقرار رقم 136 لسنة 2005 والصادر من رئيس الشركة القابضة للتجارة.
وبعدها قام المشترى بتصفية الشركة من بضائعها وعمالها وكافة أدوات العرض، وكذا الوسائل المساعدة للعرض بخلاف رهن عدد من الفروع مقابل قروض تعادل تقريبا قيمة الصفقة.
ويضيف محمد لبيب ظل الوضع قائما إلى أن جاء حكم محكمة القضاء الإدارى بإبراز حقائق كثيرة، أهمها: "أن مدير عام شركة أنوال المتحدة للتجارة جميل عبد الرحمن محمد القنبيط وفقا للمستند المختوم بخاتم الشركة وخاتم غرفة التجارة والصناعة بالمملكة العربية السعودية، لا يملك الحق فى إبرام عقود شراء الأصول والشركات سواء داخل المملكة أو خارجها".
من جانبه أكد اللواء أيمن سالم، رئيس مجلس إدارة شركة عمر أفندى، أن مفاوضات الشركة من البنك الأهلى مستمرة للحصول على وديعة الشركة التى تزيد عن 100 مليون جنيه، لافتا إلى أن الوديعة كفيلة بحل مشكلات الشركة بشكل كبير خاصة مستحقات الموردين وبعض الجهات الحكومية.
وأضاف أيمن سالم لـ"اليوم السابع"، أنه أيضا يتزامن مع هذه الجهود مفاوضات مع وزارة المالية بهدف إجراء عملية المقاصة بين ديون الشركة، ومستحقات الشركة لدى وزارة المالية، بما يسمح للشركة أن تضع أموالاً جديدة فى الفروع وإدارتها لمعرفتها، وضمان وجود سلع متنوعة تلبى احتياجات المواطنين.
وكشف اللواء أيمن سالم أن اجمالى الديون على الشركة للبنوك والضرائب والتأمينات والموردين ومؤسسة التمويل الدولية فى حدود 1.1 مليار جنيه، لافتا أنه تم حصر الموقف وطبقا لحكم المحكمة مفترض أن نعمل مقاصة بين ما هو للشركة ولدى الدولة وهناك 520 مليون جنيه لدى وزارة المالية ووديعة لدى البنك الاهلى 100 مليون جنيه، وحتى هذه اللحظة لم يتم عمل المقاصة.
وقال إنه تم إنهاء التفاوض بنجاح مع بنك عوده لسداد ميدوينة 80 مليون جنيه وتم دفع 13 مليون جنيه كدفعة مقدمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة