قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، التى خرجت عن الاجتماع الذى عقد أمس وترأسه الرئيس عبد الفتاح السيسى رائعة، ولكن تفعيلها يتطلب مزيداً من الجهد فى العديد من المجالات.. فى هذا المقال أشرح ما هى المحاور الرئيسية التى استهدفتها هذه القرارات والتى تصب فى صالح التنمية.. وما الذى ينبغى فعله لتفعيل هذه القرارات.
الهدف الأول
تستهدف القرارات تشجيع بناء قاعدة إنتاجية لزيادة تنافسية الإنتاج فى المجالات التى تعمل على تشجيع الصادرات وإحلال الواردات، من خلال القرار الخاص بالموافقة على الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة 5 سنوات للمشروعات الجديدة لتصنيع منتجات أو سلع استراتيجية يتم استيرادها أو توجه للتصدير.
ولكن..
تفعيل هذا القرار يتطلب أن تكون لدى الحكومة رؤية واضحة لما هى الصناعات التى يمكن أن تتبناها الدولة والتى تتفق مع الميزة النسبية للاقتصاد المصرى لدفع عجلة التصدير فى أقصر وقت ممكن، وكذلك الصناعات التى يمكن أن تحل محل الواردات، ووفقاً للدراسات التى بين لدينا فإن صناعات التصدير تتمثل فى الملابس الجاهزة والصناعات الغذائية والصناعات الحرفية، أما السلع التى تحل محل الواردات فتتمثل فى الأدوات المكتبية وشنط المدارس والصناعات الكهربائية وبعض الصناعات الإلكترونية، وذلك لأن عدم تحديد قطاعات بذاتها من الحكومة سيسهم فى إفقاد القرار فاعليته لتحقيق المستهدف وسيؤدى لتكالب المستثمرين فى إثبات أن صناعاتهم يجب أن تستفيد من هذا الإعفاء الضريبى، بغض النظر عن تحقيق الأهداف المستهدفة، وهذا الأسلوب حدث فى الصين.
ويتطلب ذلك أيضاً أن تتفق السياسات التجارية مع هذا الاتجاه، فالتعريفة الجمركية يجب أن تحقق أهداف تشجيع الصادرات والحد من الواردات، ولكن غياب الرؤية يجعل السياسة التجارية غير واضحة المعالم ولا تحقق الأهداف المطلوبة.
الهدف الثانى: استغلال الأصول القائمة
وهو هدف مهم جداً، فى هذه المرحلة الحرجة يرتبط بذلك بتفعيل الشراكة بين القطاعين الخاص والعام..
ولكن كيف يتم ذلك..
بالرجوع للتجربة الصينية، فنجد أن الصين أنشأت هيئة اقتصادية خاصة بإدارة أصول قطاع الأعمال العام على أسس اقتصادية، ووفقا للدراسات التى بين أيدينا، هناك خطوط إنتاج كثيرة جدا عاطلة فى شرطات قطاع الأعمال العام، سواء فى المحلة الكبرى فى مجال صناعات الملايات والفوط والملابس وغيرها من الأمثلة، تتطلب أن تقوم هذه الهيئة بالترويج لها من مستثمرين مصريين وعرب وأجانب لعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، تعمل على استغلال هذه الطاقات الإنتاجية، بما يسهم فى تدريب عمالة قطاع الأعمال العام ورفع إنتاجيته وتوفير دخول تخفف عبء خسائر قطاع الأعمال العام على الموازنة، وأيضاً تعمل فى اتجاه التصدير وإحلال الواردات، ويدخل ضمن استغلال الأصول القائمة القرار الخاص بمنح نسبة 35 % تخفيض على أسعار "يستكمل"
الهدف الثالث:
تشجيع المشروعات الصغيرة
التصالح الضريبى مع المشروعات القائمة مهم وجيد جدا، لتشجيع القطاع غير الرسمى للدخول فى القطاع الرسمى، وكذلك بوضع مبلغ قطعى يسهل على المشروعات الصغيرة دفع المبالغ المستحقة، ويضاف إلى ذلك أن منح التراخيص الصناعية المؤقتة لمدة عام للمصانع لتوفيق أوضاعها يمثل تسهيلاً كبيراً فى الإجراءات للصناعات الصغيرة،
ولكن.. على الرغم من الآثار الإيجابية
ما زلنا نحتاج إلى هيئة مستقلة للمشروعات الصغيرة تضع رؤية لمجالات الدخول لهذه المشروعات، وتحفز الشباب فى كل ربوع مصر على الدخول فى ريادة الأعمال وتدربهم على المهارات المطلوبة لذلك، ولعل فى تجربة الحاضنات والعناقيد الصناعية ما يمكن أن يتيح مجالا مهما لتحقيق هذا الهدف.
وهو ما نادى به مؤتمر الشباب، ومطلوب تفعيله فى أقرب وقت ممكن لتعظيم الاستفادة من مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى لـ200 مليار جنيه.
الهدف الرابع
دعم تداول الدولار من خلال البنوك، من خلال قرار إنشاء المجلس القومى للمدفوعات
ولكن
القرار لم يوضح ما علاقة المجلس القومى للمدفوعات للبنك المركزى، واقترح أن تكون تابعة للبنك المركزى وبها خبراء وكفاءات متخصصة وممثلين للحكومة، لأن أهداف هذا المجلس يجب أن تتركز على تحويل تداول الدولار من السوق غير الرسمية إلى القطاع المصرفى، وهو ما يتطلب:
1- عودة تحويلات المصريين بشرط اتخاذ قرار تحديد سعر الصرف الحقيقى ونتمنى أن يكون فى أسرع وقت ممكن لأن تأخر كل ثانية يحمل الاقتصاد المصرى خسائر كبيرة نحن فى غنى عنها فى هذه المرحلة، ويمكن أن نربط تحفيز المصريين على تحويل الدولار بالقرار الخاص ببيع الأراضى، ومن يقوم بتحويل الدولار تكون له ميزة وأولوية فى الحصول على الأراضى بشرط تثمين الأراضى بسعر جيد ومناسب.
2- الحوار مع المصدرين لتحويل عوائد صادراتهم إلى الجهاز المصرى وينطبق ذلك على عائدات السياحة، وشرط أساسى لتحقيق ذلك تفعيل دور الجهاز المصرفى فى الخارج، ويرتبط ذلك بتحديد سعر الصرف الحقيقى.
القرار الخامس التنمية الجغرافية
تستهدف القرارات تنمية المناطق التى لم تحقق أداء متقدما مثل الصعيد، وذلك من خلال تخصيص الأراضى مجانا، وإعفاء الاستثمار الزراعى والصناعى.
ولكن
ويتطلب ذلك الإعلان عن خطة واضحة لتعظيم استغلال الموارد فى الصعيد بما يتفق مع المزايا النسبية لهذا الإقليم ووفقا للخريطة الإقليمية، كما ذكر القرار، ويجب أن تتضمن الخطة كيف سيتم التعامل مع المناطق الصناعية القائمة وغير المأهولة حاليا، وحل المشكلات الموجودة وعلى رأسها تدريب العمالة للاستفادة من إمكاناتها الهائلة.
الهدف السادس:
فيما يتعلق بالإطار المؤسسى للتنفيذ لدينا ثلاث نقاط
النقطة الأولى
هناك قرارات مهمة تم اتخاذها لتفعيل دور الوزارات والهيئات فى تحريك عجلة التنمية، منها إلزام الوزارات والجهات بتنفيذ قرارات لجنة فض المنازعات.
ولكن
يتطلب الأمر أن تكون هناك متابعة دقيقة لتوقيت التنفيذ ومحاسبة كل من يتقاعس عن ذلك حسابا عسيرا.
النقطة الثانية فى هذا الهدف
جلسات التشاور بين الهيئة ورجال وسيدات الأعمال فى غاية الأهمية.
ولكن
يتطلب الأمر أن يكون للمشروعات الصغيرة تمثيلا فى هذه الجلسات بما يسمح بتحقيق التوافق فى المصالح بين كل من المشروعات الكبيرة والصغيرة، ما ينعكس إيجاباً على عملية التنمية.
النقطة الثالثة فى هذا الهدف
طالما نادينا بوجود لجنة لبحث شكاوى المستثمرين، لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر، ومن هنا فإن القرار بوجود اللجنة يعتبر مهما وإيجابيا.
ولكن
يتطلب الأمر أن يقوم الإعلام بدوره فيما يتم من حيث مدى الجدية فى علاج المشاكل التى يعانى منها المستثمرون، لأن مصر أملها فى دفع القطاع الخاص وحل مشكلاته ليكون عنده ثقة فى المناخ، وأؤكد على أهمية التكامل بين المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة وحل مشاكل الجميع بما يكفل إتاحة مجال لزيادة دخول كل طبقات المجتمع، ومن ثم تحقيق العدالة فى توزيع الدخل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة