فوجئت بأربع استقالات متنوعة لأربعة أحزاب مختلفة، وفى توقيت محير، ثلاثة نواب وقيادى حزبى، النواب الثلاثة: النائب محمد سليم عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، والنائب عبد الحميد كمال عضو الأمانة العامة لحزب التجمع، والنائب هانى نجيب وأمين تنظيم المصريين الأحرار ومنسق الهيئة البرلمانية للحزب، وأخيرا أكمل نجاتى مسئول المهنيين بحزب مستقبل وطن والمرشح لمنصب الأمين العام والذى أعلن على صفحته بالفيس انسحابه نهائيا من العمل السياسى.
غنى عن التعريف أن النواب الثلاثة استقالوا من المناصب القيادية الحزبية وأبقوا على عضوية الحزب حرصا على عضويتهم فى مجلس النواب، الأمر الذى دعا د. عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز دراسات الأهرام للدراسات الاستراتيجية للقول "إن تصرف النواب الثلاثة لن يؤثر على عضويتهم داخل المجلس طالما احتفظوا بعضويتهم داخل الأحزاب ولكن من هذا المنطلق يمكن تفسير ذلك بأن الأحزاب تشهد حالة من الارتباك فى التعامل مع نوابهم وكيفية إدارة هيئاتهم البرلمانية داخل مجلس النواب"، وأوضح د.عمرو لليوم السابع: "أن هذه الاستقالات قد تعبر بشكل أو بآخر عن عدم الرضا عن بعض سياسات هذه الأحزاب أو طرق إدارتها وبالتالى فإنهم فضلوا الابتعاد عنها فعليا ".
هناك نائبان من حزبين قديمين، الوفد والتجمع، واستقالتان من حزبين حديثين، المصريين الأحرار ومستقبل وطن، مما يشير إلى أن التجارب الحزبية فى مصر قديمها وجديدها تتعرض لهزات، الوفد لم تتوقف فيه المشاكل منذ سنوات حتى أن الرئيس السيسى شخصيا حاول رأب الصدع ولكن الوفد لم يتوافق، والتجمع يبدو هناك تجليات لمشكلات شخصية بين رئيس الحزب النائب "المعين" سيد عبد العال والنائب "المنتخب "عبد الحميد كمال حول تمثيل الحزب فى البرلمان، إلا أن تمادى النائب عبد الحميد فى نشر خلافاته تشير أن الأزمة أعمق من ذلك .
فى حين نشر أكمل نجاتى مسئول المهنيين فى مستقبل وطن على صفحته على الفيس إعلان انسحابه تماما من العمل السياسى، ويأتى ذلك بعد محاولات الحزب إجراء انتخابات لمستوياته المختلفة وكان نجاتى مرشح لمنصب أمين عام الحزب، ومن المعروف أن نجاتى من المقربين من رئيس الحزب السابق محمد بدران الذى انسحب أيضا فى صمت مما يؤكد أن الحزب الوليد الذى كان يطمح للحصول على الأغلبية البرلمانية قد حدث له وعكة سياسية نتيجة الخلافات بين أنصار الرئيس السابق بدران والرئيس الحالى أشرف رشاد، المفارقة أن الحزب الذى كان يتنافس مع المصريين الأحرار على الأغلبية البرلمانية والارتباط بالحكم يعانى أيضا من هزة جديدة، ولكن ترى لماذا استقال النائب هانى نجيب رجل نجيب ساويرس القوى ؟
القضية ليست شخصية، نجيب ساويرس مؤسس الحزب والأب الروحى الذى لم يبخل على الحزب بأى شىء من أجل بناء تجربة ديمقراطية، ود.عصام خليل قاد الحزب للحصول على (65) نائبا، وأخرجه من العديد من الإشكاليات وأنهى أسطورة الحرس القديم، إلا أنه فى الشهور الأخيرة طفت على السطح ملامح "سلام بارد" تحول إلى خلاف ليس حول إدارة الحزب، بل على سياساته.. وعلاقته بالحكم رغم أن كلاهما نجيب وعصام، من مؤيدى مؤازرة الدولة، ولكن يبدو أن الخلاف كان حول جدل العلاقة بين استقلالية الحزب وعلاقته بالحكم، ومن هنا جاءت استقالة النائب هانى نجيب مؤشر مهم جدا لخبراء الشئون الحزبية حول تحول الخلافات من الكتمان إلى العلن، وأيا كانت المؤشرات فلا يمكن فصل ما يحدث فى مستقبل وطن عما يحدث فى المصريين الأحرار، خاصة وأن المشتركات بينهما كبيرة فى مسألة التنافس على من فيهما يكون الداعم الأساسى للحكم، كل ذلك يؤكد أن الأحزاب القائمة والحديثة لم تحدث الخلافات فيها لأسباب سياسية بقدر ما تتجسد فى السباق حول اللحاق بركب الحصول على مقعد "الظهير الحزبى" للرئيس، وبالطبع فيما أعتقد أن الرئاسة وفق ما صرح الرئيس مرارا وتكرارا أنه على مسافة واحدة من الجميع، ولكن غياب الرؤية يعمى بصيرة كثيرين، وكان الله فى عون الرئيس .