إيمان رفعت المحجوب

المريض "الصغير" حتى يشفى

الأحد، 20 نوفمبر 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد طول شقاق بين الميديا وبيننا ما بين قطيعة وبعض نوبات استعداء، أخيرا، وأتمنى ألا يكون آخرا، أثلجت صدرى مبادرة برامج الشاشة الصغيرة التى حثت على التبرع لصالح مستشفى الأطفال الجامعى "أبى الريش" لاسيما برنامج عمرو أديب خصوصا وأنا أقف على واقع هذا المستشفى بالذات فقد خبرت أزماته لأن لى باعا غير قصير فى العمل به لاسيما فى إدارة معامل التحاليل الخاصة به لسنوات منذ سنة ٢٠٠٨ وحتى الآن، إلا قليلا، فقد أمضيت فيه عمرا حتى أصبح جزءا منى ولذلك لهذا المكان معزةٌ خاصة فى نفسى وتواصلٌ تستطيع أن تقول عنه عاطفياً .

ولزوم الظروف دأبنا نحن أعضاء هيئة التدريس بالمعمل، كباقى الأقسام فى قصرنا الحبيب، على التبرع بصفة دورية لصندوق ادخار قمنا بعمله خصيصا لسد حاجات المكان كى لا يتوقف العمل حين تعجز ميزانية المستشفى عن الوفاء وكم شاركنا أ.د. نبيل عبد العزيز، وكان مديراً لمستشفى "أبو الريش" فى سنين الإدارة الأولى لى، هو نفسه التبرع للمعمل حين كان يعجز عن أن يوفى طلباتنا بطريق المستشفى، وفى كل مرة كان يفعل كنت أخبره أنى يوماً ما سأطلب مقابلة سوزان مبارك لأخبرها أن "أبو الريش" لا تقل أهمية عن مستشفى ٥٧٣٥٧، التى تجتذب كل الاهتمام، بل تتعاظم أبو الريش عليها درجات، وليس يعنى هذا أنى أبخس دور وقدر وقيمة مستشفى ٥٧٣٥٧ لا سمح الله، فأنا أرجو صادقةً أن يستمر ولا ينقطع أبدا الاهتمام بها والعطاء لها، ولكن فى الحقيقة الأطفال الذين يموتون من الالتهاب الرئوى والنزلات المعوية والأمراض المتوطنة والفشل الكلوى والأنيميات والأمراض الوراثية والسكر وإلى آخر قائمة أمراض الأطفال فى مصر تفوق أعدادهم آلاف المرات الأطفال الذين يموتون بالسرطان، ومن ثم استحق مستشفانا منا ومن مصر ومن كل مصرى ومن الإعلام كل الدعم وكل الرعاية ولكن بكل أسف لم يصل صوتى أبدا !

نحمد الله أنه أخيراً بفضل رجال القصر المخلصين واستفاقة الإعلام "تفاجأ" المواطنون بحال أبو الريش "الذى هو قائم منذ عقود" وتولدت صحوة للضمير الجمعى وهاهم أهل الخير من الأغنياء وكثير من المؤسسات الخاصة يتهافتون على التبرع للمستشفى يعاونهم الإعلام وأتلقى أنا شخصياً يوميا رسائل على الخاص ممن يريدون المساهمة وهذا شىء جميلٌ ومحمودٌ بالطبع، الفكرة أن الوضع هكذا فى أبو الريش منذ سنين ما تغير شىء ! ولكن شيئا ما فى المحيط العام بمصر هو الذى تغير بالفعل وهو "الإقرار" وليس الإدراك بأن مستشفى الأطفال الجامعى أبو الريش "مفلسٌ يتسول وبأن الميزانية المخصصة له لا تكفى وتجوز عليه الصدقة" ولما كان هذا المستشفى، وهو اكبر مستشفى للاطفال فى القطر المصرى إذ تتوافد عليه كل الحالات المستعصى وغير المستعصى علاجها من كافة انحاء المحروسة ورواده بالملايين بما لا يقارن بأى مستشفى اطفال فى مصر ولا حتى فى العالم أجمع، محتاجا ! فماذا عساه يكون الحل ؟

إذا تمكنت هذه الحملة فى هذه المرة الوفاء بحاجة أطفالنا المرضى وحاجة الرضع الجوعى الذين يعانون من أمراض سوء التغذية ويتوافدون على أبو الريش لتلقى حصتهم الشهرية من الألبان التى تمنح لهم بواقع علبتى لبن صغيرتين فى كل شهر وهذا قليل ! فكيف يكون الحال فى الأعوام القادمة !؟ أطفالنا مستقبلنا فهل نترك المستقبل هكذا فى مهب الريح أو تحت رحمة أهل الخير أعطوا أم منعوا !! أو فى يد الإعلام تذكر وأعلن أو نسى!

نتمنى أن يستمر الإعلام فى إعلانه ونتمنى أن يستمر أهل الخير فى عطائهم، ونتمنى أن تستمر أبو الريش على البال، ولكن لا يمكننا أن نظل نعتمد على الغيب فيمن وفيما أتى ومنح ومن ادَّكَرَ، فمن الواجب أن تضع الدولة هذه المستشفيات فى أعينها لا حباً فيها ولكن حبا فى أطفال مصر وفلذات أكبادها وغدها ومستقبلها، لا أستطيع أن اتصور ألا يكون أطفالنا المرضى الأَوْلَى بالرعاية من قبل الدولة !! لو لم يكن اطفالنا أُوُلَى خياراتنا وخيارات مصر ماذا ومن يكون !!

سألوا حكيما أى أبنائك أحب إليك؟ قال: "الصغير حتى يكبر والمريض حتى يشفى والغائب حتى يعود "

وفى أبو الريش أبناء مصر الثلاثة بل أربعة فى واحد "الصغير المريض الغائب الفقير"

 

 حفظ الله أبناءنا جميعاً...

* أستاذ بطب قصر العينى .










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة