ليس سهلًا على إدارة باراك أوباما، أن ترى الرئيس الجديد دونالد ترامب، يختار الجنرال المتقاعد مايكل فلين، مستشارا للأمن القومى، بديلا لسوزان رايس، فالاثنان يعبران عن طبيعة مرحلة كل من أوباما وترامب، خاصة تجاه الشرق الأوسط، ومصر على سبيل التحديد.
لماذا أقول ذلك؟.. لأن رايس كانت من أشد المؤيدين لجماعة الإخوان الإرهابية فى مصر، وكانت الصوت المتشدد القوى داخل إدارة أوباما تجاه ثورة 30 يونيو، ومع تشددها كانت الصوت المسموع لدى أوباما، لدرجة أن وزير الدفاع السابق تشاك هيجل اشتكى كثيرًا من تدخلات سوزان رايس، وتأثيرها على قرارات أوباما، وهو ما دفعها للاستقالة من منصبه، فى حين أن مستشار الأمن القومى الذى اختاره ترامب يسير على النقيض تمامًا، فهو مؤمن بأن قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى هذه الفترة الحرجة التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط ضرورية للغاية، خاصة فى ظل محاربة الإرهاب والفكر المتطرف فى منطقة الشرق الأوسط، وله تصريحات إعلامية أكد خلالها أن الرئيس السيسى قدم شجاعة فكرية قبل الشجاعة الجسدية، بعد مطالبته فى الأزهر بتغيير الفكر وتطوير الخطاب الدينى، مستشهدًا بما قاله الرئيس السيسى فى الأزهر بـ«أن 1.3 مليار مسلم لا يستطيعون التخلص من 7 مليارات آخرين»، وأن السيسى طالب الأمة بثورة عارمة على الفكر المتطرف، وتابع: «رسالة السيسى لم تكن موجهة للأزهر فقط بل للعالم أجمع، ولابد أن يتبنى العالم هذا الفكر وأن تحتضن الولايات المتحدة الأمريكية مجهودات مصر فى القضاء على الإرهاب».
كما يعد فلين من المؤيدين بقوة لإدراج جماعة الاخوان كمنظمة إرهابية فى الولايات المتحدة، وسبق له التأكيد على أهمية ما قامت به مصر بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، وقال فلين «كتبت عن الرئيس السيسى فى كتابى field of fight «ميدان القتال» واستخدمته كمثال حول كيفية تصديه للإرهاب، ولا ينبغى أن يتصدى السيسى لهذا الفكر المتطرف بمفرده بل لابد أن تتحد الدول العربية فى هذا الوقت الحساس، ليكونوا مثل الناتو وليس فقط مجموعة من الجنود من كل دولة كما كان الحال فى حرب الخليج».
هذا هو موقف فلين من مصر وحربها على الإرهاب وموقفه أيضًا من جماعة الإخوان الإرهابية، وهو نفس الموقف الذى يسير عليه ترامب نفسه، وهو ما يقلق أوباما ورجال إدارته، خاصة سوزان رايس، التى لها تاريخ طويل من العداء مع مصر، فبعد ثورة 30 يونيو كان هناك تفهم من جانب الخارجية الأمريكية لطبيعة الأحداث التى دفعت المصريين للخروج على نظام الإخوان المسلمين، لكن فى البيت الأبيض كان هناك تيار قوى يقف ضد الثورة، ويحاول أن يوجه الأمور فى اتجاه آخر، ومع مرور الوقت اتضح أن الموقف المتزمت من جانب البيت الأبيض ناحية الثورة المصرية نابع فى الأساس من رأى سوزان رايس، التى توصف بأنها زعيمة الصقور فى إدارة باراك أوباما، والتى كانت تخطط لكى يستمر الأخوان فى حكم مصر، والقضاء نهائيًا على ثورة 30 يونيو، وبدأت فى تهديد مصر بعقوبات اقتصادية وإيقاف المساعدات العسكرية لمصر، لكن أمام الموقف المصرى الصلب لم تجد إدارة أوباما من حل سوى التعامل مع مصر 30 يونيو».
معروف أن تأثير سوزان رايس على أوباما بدأ فى 2008، حينما عملت مستشارة السياسة الخارجية فى الحملة الأولى للرئيس الأمريكى، ورشحها أوباما لخلافة هيلارى كلينتون فى وزارة الخارجية، لكن الأمر أثار خلافا حادا بين الديمقراطيين والجمهوريين فى الكونجرس بعد تصريحاتها عن الهجوم الذى استهدف القنصيلة الأمريكية فى بنغازى فى 11 سبتمبر 2012، لذلك اختارها أوباما مستشارة الأمن القومى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة