أتمنى أن يدعونى نقيب الصحفيين يحيى قلاش، لحضور ندوة فى النقابة مع قدامى الصحفيين وشخصيات قانونية، لمناقشة طرق التعامل مع الحكم الصادر بحبسه سنتين مع اثنين من الزملاء، فالحكم رغم قسوته صادر عن القضاء الذى نكن له الاحترام والتقدير، والتعامل معه يجب أن يكون بالطرق القانونية، لنرسخ مفهوم احترام الصحفيين لسلطات الدولة الشرعية، وأنهم جماعة تستحق أن تقود الرأى العام، وليست شاردة أو مارقة.
هذا ليس وقت ننكأ فيه الجراح، بل لم الشمل ونبذ الخلافات، والبحث عن أرضية مشتركة تشجع الكتاب والصحفيين، العازفين عن دخول النقابة منذ سنوات طويلة، للعودة إلى بيتهم الكبير الذى هجروه، وأنا منهم وأتذكر أننى لم أدخل مبنى النقابة منذ عدة سنوات، وتأسفت لحالها، لأننى عشت سنوات النقابة القديمة، وكنا لا نذهب إلى بيوتنا كل يوم، إلا إذا جلسنا فى حديقة النقابة، التى كانت منتدى يومى للقاءات جموع الصحفيين بمختلف أعمارهم.
أنا من جيل تربى فى أحضان صحافة الدولة، ولم يكن معناها أبدا الخضوع أو التسليم أو الانكسار، بل الجرأة والشجاعة المنضبطة بالمهنية والحياد والموضوعية، ولا أنسى يوم الفخر العظيم حين هب الصحفيون عن بكره أبيهم، لحضور أكبر جمعية عمومية فى تاريخ النقابة سنة 1995، لرفض «قانون اغتيال الصحافة» الذى أصدره مجلس الشعب بعد منتصف الليل، واستجابت الدولة لمطالبهم المشروعة، لأنهم كانوا يدفعون الخطر عن مهنتهم، ووقفوا صفا واحدا، يقود احتجاجهم المحترم نقيب الصحفيين إبراهيم نافع، وظهر فى الصفوف الأولى كبار الكتاب والصحفيين، ورؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية، على مختلف اتجاهاتهم السياسية.
الموقف الآن مختلف والحكم الصادر ضد النقيب، لا يتعلق بقضايا النشر، وإنما، كما جاء فى حيثياته، إيواء أشخاص مطلوبين للعدالة، وسلكت النقابة منذ اندلاع هذه الأزمة، طرق التصعيد والتظاهر والاحتجاج، ولم تسفر عن شىء إلا انصراف أعداد كبيرة من الصحفيين عن النقابة، لرفضهم أسلوب إدارة الأزمة، وبعد صدور الحكم أصبحت الكرة فى ملعب النقيب وأعضاء المجلس، إما بالعودة إلى تقاليد المهنة الراسخة فى إدارة الأزمات، أو باللجوء إلى ما سبق تجريبه وكان مصيره الفشل.