تدخل الدولة السريع لحل أزمة أهالى النوبة فوت الفرصة لإشعال فتنة حقيقية كان- ومازال- يتم التخطيط لها خارج مصر، وكشفت عنها أجهزة الدولة المصرية، بحيث تتصاعد الأزمة فى الجنوب مع حملات إعلامية وفعاليات فى الخارج، وخاصة فى دول تعادى أنظمتها السياسية مصر مثل قطر وتركيا. معلومات كثيرة تشير الى أن إشعال الأزمة تم الإعداد له منذ عام ونصف العام تقريبا، وتم رصد مبالغ مالية لبعض الأشخاص للتحريض ضد الدول المصرية والضغط عليها بملف أراضى النوبة لإثارة الفوضى والفتنة فى جنوب مصر تمهيدا لتدويل القضية.
للإنصاف هنا نقول، إن أهالى النوبة أعلنوا رفضهم لأى تدخل خارجى فى أزمتهم مع الحكومة وإفشال أى مخططات خارجية للوقيعة بين جزء غالٍ من الوطن مع إسراع الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المختلفة فى التفاعل مع القضية، والتأكيد على مصالح أهالى النوبة ومنحهم الأولوية فى الحصول والاستثمار فى الأراضى الواقعة فى منطقة النوبة القديمة بأقصى جنوب مصر، ضمن مشروع ضخم تنفذه الحكومة لاستصلاح الأراضى فى إطار مشروع قومى لزراعة 1.5 مليون فدان.
لكن كان يجب ألا يخرج الاحتجاج والمطالبات عن الأطر القانونية والشرعية، وعدم اللجوء إلى قطع الطرق والسكك الحديدية، وتحدى الدولة.. والحمد لله أن العقل هو الذى تحكم فى الأزمة وعدم اللجوء للوسائل الأمنية واحتواء غضب بعض أهالى النوبة فى طلبهم بأحقيتهم فى تنمية أراضى منطقتى توشكى وخورقندى، التى تتجاوز مساحتها 110 آلاف فدان.
هنا أيضا يجب الإشادة بالتحرك الفورى من الحكومة والبرلمان والشخصيات العامة والأجهزة المعنية، وعدم الانتظار حتى تتعقد الأزمة وتتصاعد وتتدخل فيها أطراف خارجية.. وأظن أنها بداية حقيقية وجادة من الدولة لإنهاء الملف القديم فى النوبة منذ تهجير الأهالى فى مطلع الستينيات من القرن الماضى، بالتزامن مع إنشاء السد العالى وتحويل مجرى النهر، وفتح جسر الحوار وبناء الثقة مع قيادات ومشايخ النوبة والاستماع إليهم لنزع فتيل الأزمة الناشئة منذ أكثر من نصف قرن وفقا لما نص عليه الدستور ووفقا للقانون.
الحلول السريعة والعاجلة والتفاعل السريع مع الأزمات هى الطريق الصحيح لوأد أية محاولات لإشعال الفتنة والوقيعة بين فئات الشعب والدولة.