منعت إسرائيل الأذان فى المساجد.. وحين قامت فيها حرائق ظن العرب المتواكلون أن ذلك عقاب من الله
«إحساسك وإسرائيل بتولع» كان عنوان الهاشتاج الأول فى المنطقة العربية على موقع التواصل الاجتماعى تويتر، وقد أتت أغلب التعليقات كما يلى: «زى إحساسهم وهما بيقتلوا الفلسطينيين» وأيضاً «فلسطين افرحى إن النصر قريب» و«إن عذاب ربى واقع» وكذلك كتب آخرون تعليقات من نوعية «أن قضيتى فى يد الحكم العدل فكيف لا اطمئن أن نصرنا إن شاء الله قادم على العدو مهما تأخر» آلاف من التعليقات الفرحة الشامتة المتمسكة بأهداب عدل الله وانتقامه، وكان هناك بالتأكيد تعليقات ساخرة مثل «يا خسارة ملحقتش أنزل أساعد بجاز» أو «من كثرة صور الحرائق حاسس بدفئ إلكترونى» كذلك «زى إحساسك وأنت فى المطبخ وسامع صوت الخلاط».
وعلى طرف آخر، وعلى استحياء شديد جاءت تعليقات قليلة جدًا ترى فى الأمر زاوية أخرى، فهناك من لم يحزن أو يجزع إلا على حالنا مقارنة بالآخرين، وهناك قلائل جدًا رأوا فى الأمر كارثة إنسانية وتعاطفوا معها.
وماذا عنك أنت يا من لم تكتب إحساسك وتعلنه على العامة هل شعرت أنه انتقام إلهى لأن إسرائيل منعت أذان الصلاة أن يُرفع فى المساجد، كما شعر أغلبية العرب من الشرق والغرب والشمال والجنوب، أم أنك مثلى تريد أن تقرأ المشهد دون أن تتورط فى إحساس يشوبه الحب أو الكراهية، وهو أمر جد صعب فنحن فى زمن ومنطقة عمت فيها الكراهية والخوف والحزن والتطرف فكيف بنا نقرأ أى مشهد دون أن نتورط فى إحساس مريض لا علاقة له بالإنسانية المجردة.
نعم أنا أكره إسرائيل تمامًا كشعبان عبدالرحيم، ولكن إسرائيل ليست اليهودية وكل اليهود، كما أن طالبان وداعش ليسا الإسلام وكل المسلمين، نعم أتمنى لو عادت فلسطين دولة عربية أستطيع أن أزورها وأصلى فى الأقصى دون أن أكون متهمة بالتطبيع، وأتمنى لو كان جيراننا من الفلسطينيين ليسوا لاجئين فى كل بقاع الأرض، ولكن من قال إن الأمنيات تتحقق فى بلادنا!
ودعنا من إحساسى وإحساسك ولكن قراءة وتحليل بسيط لمضمون وسائل التواصل الاجتماعى، وهى منصة حرة للتعبير عن الرأى، يؤكد لأى صاحب بصيرة أن لو كانت إسرائيل لديها كارثة واحدة، فنحن العرب والمصريين لدينا كوارث أكبر بكثير، فالعقل العربى الجمعى يرى حرائق إسرائيل انتقام إلهى سهل، وهو ذاته نفس العقل الذى يجعلهم يتواكلون على الله فى أى أمر من أمورهم تواكل الخائبين لا المؤمنين ولسان حالهم يردد ما قاله اليهود الأوائل لنبيهم موسى كما جاء فى القرآن الكريم «قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ».
منعت إسرائيل الأذان فى المساجد، وحين قامت فيها حرائق ظن العرب المتواكلون أن ذلك عقاب من الله، وإن كان الأمر كذلك فما هو الذنب الذى اقترفه السوريون لكى تحترق بلادهم وكان الأذان يُرفع فيها خمس مرات من آلاف المساجد، وما الذى جعل أهل فلسطين نفسها العربية المسلمة يتوهوا فى الأرض منذ أكثر من ثمانية وستون عامًا هل منعوا الأذان فى الأقصى؟!
لله تدابير لا يجب أن تكون همنا أو ملاذنا، نحن العرب لا نقيم معامل للعلوم بقدر ما نبنى مساجد ونرفع فيها الأذان فلماذا نحن مبتلون بكل هذا البلاء.
إسرائيل عدو لنا ولكن اليهود ليسوا أعداء، بل أكبر عدو لنا هو نحن وخطابنا الدينى الذى أوصلنا لأن حتى الرحمة التى وصفت نبى المسلمين بنبى الرحمة ذهبت من قلوبنا فصرنا قساة.
النار التى تلتهم بعضا من إسرائيل تلتهم عجائز وأطفال ونساء، فقراء وأغنياء، والشماتة فى حرقهم ليست من أخلاق المسلمين، ولكننا لا نعرف الإسلام ولا الله إلا إذا أتى ما تهوى به أنفسنا بلا عمل ولا حتى نية فى عمل.
اللهم ارحمنا مما يفعل بنا السفهاء.