قال الشاعر الكبير عبد المنعم رمضان، إن اعتذار الشاعر والكاتب اللبنانى عباس بيضون، عن المشاركة فى ملتقى القاهرة الدولى للشعر العربى، أضاء النور للشعراء والنقاد المشاركين فى هذه الدورة الرابعة من عمر الملتقى، والذى من المقرر أن تنطلق غداً، الأحد.
وقال عبد المنعم رمضان فى مقال له نشر فى الموقع الإلكترونى لصحيفة الأخبار اللبنانية: كان صعباً على الشاعر اللبنانى عباس بيضون، وعلى محبيه، أن يتواطؤوا ويقبلوا عضويته فى لجنة تحكيم ملتقى الشعر العربى الرابع، والذى ينطلق غداً فى القاهرة برعاية وزارة الثقافة، الذى يعرف الجميع أنها لا يمكن أن تكون معبرة عن مآلات الحركة الشعرية فى مصر، أو فى أى مكان آخر، ولا يمكن إلا أن تكون معبرة عن انهيار مؤسسات الثقافة.
الانهيار الذى نحسه جميعاً، فيما عدا ذلك البعض المحظوظ بعدم الإحساس، المحظوظ أيضاً بعدم رؤية فاعلية تلك المؤسسات من خضوع وتبعية وركود وغش وفقدان نظر، وهذا حديث أطول وأعمق وأجدى من حديث المؤتمر.
المهم أن عباس بيضون باعتذاره منحنا ومنح كل أصدقائه حق الفخر والزهو به، وحق مطالبة كل الشعراء الآخرين مصريين وعرباً، الشعراء الذين هم شعراء، أن يفكروا أكثر من مرة فى طبيعة مؤسساتنا الثقافية الراهنة، وفى ضرورة تجاهلها والانصراف عنها ما دام سقفها الواطئ أقصر من قامة أصغر شاعر أو روائى أو كاتب أو قارئ.
فالمؤسسة تصر كل يوم على أن تخوننا، بإغلاق أبواب الرؤية والرؤيا فى وجوهنا، بإغلاق السماء، وإغلاق حتى الأرض، وتتخلى عنا عبر دفاعها الوهمى والكسول والمتواطئ، دفاعها الذى لا يصمد أمام الحقيقة، الذى ينحنى ويزعن أمام رياح السلطات، لأنها محض جهاز من أجهزة الدولة الإيديولوجية.
التحية واجبة إلى عباس بيضون، فالشاعر العربى الذى سيقبل عضوية لجنة تحكيم مؤتمر شعر يخاف من الشعر، سيعلن بقبوله أنه لا يعترض كفاية على سجن الروائى أحمد ناجى، لا يعترض كفاية على الشروع فى سجن آخرين مثل أحمد ناجى، سيعلن بقبوله أنه يوافق على إهانة ثقافتنا واضطهاد مثقفينا، سيعلن بقبوله كراهيته لنا، ومحبته للنور الميت، وللمصابيح المعتمة.
عباس بيضون يحب الشعر ويحب الشعراء ويحب الحرية ويحب النور الحى، والمصابيح المضيئة ويحبنا، ونعرف أنه فى مستقبل الأيام سوف يأتى، ولكنه سيأتى ليرانا لا ليراهم، ونحن سوف ننتظره فى بيوتنا ومقاهينا، وليس فى اسطبلاتهم وحظائرهم. الشكر كله لعباس، لأنه فجأة أضاء النور، فرأينا القاتل، ورأينا الضحية، ورأينا وجه عباس، ورأينا قلبه، ورأينا أنفسنا ورأينا الشعر الغائب دائماً عن مؤتمرات الشعر، ورأينا المعبد الذى عاد إليه عباس كراهب، ورأينا الراهب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة