دائمًا وعادة ما أنأى بنفسى وقلمى عن الخوض فى حديث يخص "شوفونية" ممجوجة بين العرب، وإذا كتبت أو علقت فدومًا يكون حديثى رافضًا لخناقة بين أطراف عربية حول لعبة كرة أو فيلم أو أغنية أو كلمة من هنا أو هناك، لست لأنى قومية الهوى، ولست لأنى أرى قوتنا فى تجمعنا لا فرقتنا، لست كل هذا فحسب ولكن لأنى أيضًا على قناعة بأن الشعوب مهما تناحرت وحتى حاربت بعضها البعض فهى فى نهاية المطاف تعود لترى أعداء الأمس مجرد بشر إخوة فى الإنسانية، فهل هناك مثال أكثر وضوحًا من علاقة الشعب اليابانى بالشعب الأمريكى رغم اختلاف اللغة والأصول والثقافة وحرب الإبادة المتبادلة الماضى.
ولذا فبداية وقبل أى حديث، كل التقدير والاحترام للرئيس التونسى الذى كرم السينما المصرية وكل فنان مصرى من خلال تكريمه للنجم عادل إمام وللقدير عزت العلايلى وللعظيم جميل راتب، كل التقدير لمهرجان قرطاج السينمائى الذى كرم نجوم مصر جميل راتب وعزت العلايلى وعادل إمام، وكل التقدير والاحترام للجمهور التونسى الذى يعشق عزت العلايلى وعادل إمام وجميل راتب.. كرموهم وأحبوهم واحترموهم كما يفعلون مع عشرات ومئات بل آلاف من الوجوه والمواهب التى تمثل الفن والسينما المصرية التى جاوز عمرها مائة عام.
أما الحديث أو الحادثة التى أريد التعليق عليها، فبسبب عشرات بل مئات من الرسائل التى وصلتنى عبر وسائل التواصل أو بشكل خاص تسألنى عن رأيى وتتحدث عن الحرب الكلامية فى فضاء الإنترنت والصحافة التى يشنها البعض من الإخوة فى تونس ضد بعض المصريين أو العكس بسبب حملة ضد عادل إمام وحديث من ممثل تونسى راح يرد على كلمات نجم العرب عادل إمام بروح عدائية وبطريقة للأسف أقرب لمعايرة النساء بعضهن البعض فى الحوارى، وكأن إحداهن تقول أنا شعرى طويل فترد عليها الأخرى إذا كان شعرك طويل فأنا كمان شعرى طويل ولا أنا شعرى أطول منك وهكذا.
فإذا كان البعض ومنهم هذا الممثل يرى أن فى حديث عادل إمام وشكره على تكريمه كونه ينتمى للسينما المصرية وهى الأقدم بحكم التاريخ، وكونه يأتى من مصر التى منحها الإخوة العرب لقب هوليوود الشرق، وما زالت رغمًا عنها، فتلك مشكلتهم، ألسنا نرى كثيرًا من هذه النماذج البشرية التى ترى فى أى ميزة يكتسبها آخر حتى لو كانت دون إرادته مثل أن تكون عينيه واسعة جميلة سببًا لكى تثير ضغينة عند ضعاف النفوس من هذه النماذج، فالممثل التونسى قال إن كانت مصر أم الدنيا فتونس أبوها وإن كانت السينما المصرية أم السينما فتونس أبو السينما، ولا أرى فى ذلك عيبًا أو انتقاصًا فينا، فالأم هى الأصل، ولتكن تونس الأب والجد والعم والخال فهل كونها كل هؤلاء يضير أحد.. لا أظن، فلو كان الممثل التونسى قال ما قال بمنطق كيد النساء فالرد سبق وقلته، أما وإن قال ما قال بمنطق خفة الدم أو الهزار والهزل، فأقول له هزلك للأسف ثقيل لا هزل فيه، وتوقيته سيئ فالعرب لا قِبَل لهم بتحمل عركة حوارى نسائية ألا يكفيهم تشرذم وحروب داخلية وخارجية لنضيف عليها حرب وهمية عمن أبو السينما وأمها.
أما وإن طال الحديث فى بعض المقالات ومواقع التواصل عادل إمام الذى قد أختلف معه حول بعض أعماله، فلا أنا ولا غيرى يستطيع أن ينكر أن عادل ظاهرة ليست فقط عربية ولكن عالمية فليس هناك من ممثل ظل نجمًا يتصدر اسمه الأفيشات لنصف قرن من الزمان، وحده عادل إمام هو هذه الظاهرة التى توجتها الجماهير المصرية والعربية على السواء.
أما وكون القاهرة هوليوود الشرق فهذه صفة منحها الفنانون والجماهير العربية لمصر لأنهم لا يحصلون على النجومية إلا بختم القاهرة، فهل نستكثر على الإخوة والأبناء والأهل منحهم ختم على جواز مرور للقلوب العربية .
وعود على بدء الشكر والتقدير لتونس رئيسًا وحكومة وشعبًا لأنهم كرموا مصر حين كرموا عادل إمام وعزت العلايلى وجميل راتب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة