وائل السمرى

مرتبات قيادات الوزارات

الإثنين، 28 نوفمبر 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أتحدث تليفونيا مع أحد رؤساء الهيئات الكبرى فى مصر، فى اليوم السابق لافتتاح مؤتمر كبير، وحينما وجدته يعانى فى إكمال المكالمة لازدحام المكان الذى يتحدث منه قلت له سأحدثك فيما بعد، فقال لى:  «معلش أصل أنا بشترى بدلة علشان افتتاح بكرة هخلص وأكلمك»، وما أن أغلقت الهاتف حتى شرد ذهنى:  أين ذهبت تلك الصورة الكلاسيكية لخزانة كبار المسؤولين العامرة بكل أشكال البدل المستوردة، وأين ذهبت تلك الصورة عن المسؤول الكبير المستعد دوما للطوارئ، ثم سألت نفسى:  إلى هذا الحد يعانى رؤساء الهيئات من ضيق ذات اليد للدرجة التى يضطرون فيها إلى شراء بدلة فى الليلة السابقة لأية مناسبة؟
 
ربما ترى أن كلامى هذا صادما بعض الشىء لظنك أننى هنا أدافع عن «الكبار»، وقد اعتدت منى على الدفاع عن فقراء مصر وبسطائها، وفى الحقيقة فإننى أرى أن كبار الموظفين الآن فى حاجة ماسة إلى من يدافع عنهم، لأنهم أصبحوا بين ليلة وضحاها فى حالة يرثى لها، فهم أولا وأخيرا يمثلون مصر فى المحافل الدولية، ويتحدثون باسم مؤسساتهم مع المستثمرين الأجانب، ويسافرون إلى البلاد المجاورة للتفاوض على هذا الأمر أو ذلك، وكثيرا ما «يتورطون» عشاء عمل باهظ التكاليف ليحافظوا على صورتهم الرفيعة أمام ضيوفهم، فكيف يدفع رئيس هيئة كبيرة فاتورة عشاء لضيف أجنبى بألفى جنيه، وهو يتقاضى عشرة آلاف جنيه راتبا شهريا دون أن يمد يده أو يختلس أو يفسد؟
 
نعم ارتفاع الأسعار أضر بالجميع، والأزمة الحقيقة هنا تكمن فى أن المعايير المعمول بها فى وضع مرتبات قيادات الوزارات المختلفة ليست واحدة، وفى هذه الفوضى يجد المسؤول نفسه محاصرا بين صورة ذهنية عند الناس يجب عليه المحافظة عليها وضيق ذات اليد، ولا فرار من الوقوع فى مصير من ثلاثة: إما أن يهبط بمستواه الاجتماعى فيظهر فى شكل غير لائق، أو أن يهبط بمستواه الأخلاقى والوظيفى فيغرق فى الفساد، أو أن «يرقص على الحبال» بين متطلبات الوظيفة ومتطلبات الحياة ،فتصبح الوظيفة العامة كابوسا حقيقيا يحلم بالتخلص منه فى أقرب مناسبة، وهو الأمر الذى يجب أن يضعنا فى مواجهة حقيقية مع الأوضاع الحالية، لنعيد النظر فى هيكلة مرتبات كبار موظفى الدولة من رؤساء الهيئات والمصالح، واضعين فى حسباننا ما يتحمله هؤلاء من أعباء.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة