تترقب أسواق النفط العالمية غدا الأربعاء نتائج اجتماع المصير المرتقب لكبار منتجى النفط فى منظمة أوبك العالمية، والمقرر عقد بمقر المنظمة فى فيينا للتصويت على القرارات التى تم التوصل لها فى اجتماع الجزائر التشاورى فى سبتمبر الماضى، بتخفيض إنتاج المنظمة لـ32.5 مليون برميل يوميا عن مستواه الحالى، الذى يقارب 33.24 مليون برميل يوميا، وتحديد سقف إنتاج محدد لكل دولة.
وسيطر الارتباك على تحركات المنظمة بعد حوالى شهرين من السعى والتنسيق بين كبار المنتجين من داخل أوبك وخارجها، منذ اجتماع الجزائر التشاورى، للتوافق على خفض الإنتاج وعودة الاستقرار لأسواق النفط العالمية، بعد تدنى الأسعار وتأثيرها على اقتصاديات العديد من الدول.
وانخفضت أسعار النفط فى تعاملات اليوم الثلاثاء لتسجل 48.80 دولار للبرميل لخام القياس العالمى مزيج برنت و46.60 لخام غرب تكساس الوسيط الامريكى، بسبب سيطرة الشكوك على التجار والمستثمرين فى أن يتوصل كبار المنتجين من أعضاء منظمة أوبك فى اتفاق لخفض الانتاج فى اجتماع المصير غدا فى فيينا، بسبب حالة الارتباك واستمرار الخلافات بين الأعضاء حتى الآن.
وأربكت المملكة العربية السعودية كل هذه المساعى، باعتذارها عن حضور اجتماع الاثنين الماضى فى فيينا، لتتسبب فى إلغائه، إذ كان مقرّرا انعقاده لمناقشة مساهمة المنتجين من غير الأعضاء فى "أوبك" فى اتفاق للحد من الإنتاج، قبل اجتماع وزراء النفط فى المنظمة يوم الأربعاء لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقات التى جرت بينهم لخفض الإنتاج.
اعتذار السعودية لا يربك التحركات الحالية للتوافق فقط، ولكنه يؤثر أيضًا على آراء عديد الدول الأعضاء، باعتبار المملكة أكبر منتج للنفط، ولها قوة وثقل كبيران من حيث اتخاذ القرارات والتوافق عليها فى المنظمة، ومن ثمّ هناك من سيتروّى فى إعلان موقفه لحين وضوح رؤية المملكة العربية السعودية بالتصويت على القرارات أم لا، والسير على نهجها.
ومن العوامل التى اربكت تحركات أوبك هو أن هناك دولاً كبرى منتجة للنفط ما زالت مواقفها غامضة، على رأسها إيران والعراق وليبيا، إذ إن كلا منها تؤيد الآراء المتجهة لخفض الإنتاج، ولكن لم تعلن رسميًّا حتى الآن مشاركتها فى قرارات التصويت، وكل تصريحاتها السابقة تشير إلى أنها قد تطالب باستثنائها من قرار الخفض، لحين تعويض خسائرها وما لحق باقتصادها من أضرار بسبب الحظر والثورات وحالة التوتر خلال السنوات الماضية.
ويهدد استمرار الخلافات والانقسامات بين كبار الدول الأعضاء، اجتماع "أوبك" بالفشل حيث أن طرفى المعادلة فى التصويت وهما المملكة العربية والسعودية وايران مازالوا فى حالة صدام دائم إضافة إلى وجود فريقين منقسمين داخل المنظمة، الأول بقيادة السعودية ويرى عدم خفض الإنتاج وترك الأسعار لتحددها آليات العرض والطلب، والآخر تدعمه روسيا من خارج "أوبك"، ويرى ضرورة خفض الإنتاج لتخفيف المعروض، ومن ثمّ زيادة الطلب ورفع الأسعار.
وسعت روسيا بقوة خلال الشهور الماضية فى كل الاتجاهات رغم أنها ليست عضوا فى منظمة "أوبك"، لرفع أسعار النفط إنقاذا لاقتصادها، حيث إن روسيا من الدول التى تعتمد فى مصادرها المالية على البترول بشكل كبير.
ورقصت روسيا "كالديك الذبيح"، وتحركت فى عدة اتجاهات، من أجل الوصول إلى الخطوة التى حصلت عليها فى اجتماع الدوحة، بتجميد السعودية وقطر وفنزويلا وموسكو لإنتاجهم عند معدل شهر يناير الماضى، والاتفاق على تخفيض سقف الإنتاج لعودة التوازن وتخفيف تخمة المعروض فى الأسواق، ولكن بشرط قبول كبار منتجى النفط من داخل وخارج "أوبك " بالاتفاقات والالتزام بها.
وتعد مصر من الدول المستفيدة من تراجع أسعار برنت من خلال خفض بند دعم مخصصات الطاقة فى الموازنة العامة للدولة، حيث إن البلاد تستورد ثلث المنتجات البترولية السائلة وتقريبا ثلث المنتجات البترولية الغازية، وبالتالى تأثير انخفاضه إيجابيا على الدولة بانخفاض رقم الدعم إلى 35 مليار جنيه فى موازنة 2016-2017 حيث كانت فى 2013 حوالى 140 مليار جنيه، وانخفضت فى موازنة 2014 - 2015 لـ73 مليار جنيه، وفى 2016 إلى أقل من ـ 55 مليار جنيه، نتيجة التراجع فى أسعار البترول.
وانخفضت أسعار النفط فى الفترة الماضية، بسبب زيادة المعروض عن الطلب لأكثر من مليون برميل يوميا، ففى النصف الأول من 2016 بلغ حجم المعروض نحو 32.5 مليون برميل يوميا، فيما كان الطلب المقدر 30.1 مليون برميل، فيما يقدر حجم العرض الحالى والمتوقع الفترة المقبلة، 33.24 مليون برميل يوميا، والطلب 32.7 مليون برميل.
وقفزت أسعار النفط فى عام 2005 بسبب الأعاصير والعوامل الجيوسياسية إلى مستوى 78دولارا للبرميل، وارتفع سعر البترول إلى مستوى قياسى فى يوليو 2008 إلى 147 دولار للبرميل، ثم انخفضت الأسعار إلى 60 دولارا للبرميل فى أكتوبر 2008، واستمر صعودا وهبوطا قبل أن يصل فى 2013 و2014 إلى ارتفاع كبير جديد بسعر 120 دولارا للبرميل، قبل أن يبدأ رحلة الهبوط فى 7 2014، ووصل إلى أدنى مستوى له فى نهاية العام الماضى وبداية العام الحالى مسجلا 28 دولار للبرميل.
وتضم منظّمة الأوبك 12 دولة تعتمد على صادراتها النفطية اعتمادا كبيرا لتحقيق مدخولها، ويعمل أعضاء الأوبك لزيادة العائدات من بيع النّفط فى السّوق العالمية، وتملك الدّول الأعضاء فى هذه المنظّمة 40% من الناتج العالمى و70% من الاحتياطى العالمى للنّفط، وتأسست فى بغداد عام 1960.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة