كان موقفا مهيبا حقا.. رجل يقف وحده أمام دولة بلغت من التطرف والإقصاء ما بلغت
منعت السلطات الإسرائيلية أذان الصلوات عبر الميكروفون، تخاذل العرب، جبن المسلمون، لا ردود فعل على الإطلاق، لا مؤتمر، لا مسيرة، لا مظاهرة، لا ندوة، لا شىء، لا استنكار، لا استهجان، لا مقاطعة، حتى بيان الجامعة العربية كان درساً فى البلاغة الجوفاء فحسب فهو فارغ المضمون يتلاعب فقط بالكلمات ولا يخيف أحداً حتى لو كانت بوركينا فاسو فما بالكم بإسرائيل النووية، أما بيان رابطة العالم الإسلامى فهو أجوف، أما الحكومات العربية فلهم خصوم آخرون غير الذين يحتلون قدسهم الشريف، فكل دولة عربية أو إسلامية تعادى الأخرى.
الخلاصة أن إسرائيل عربدت ومنعت الأذان، ولم يقف أمامها أحد، ولكن الشعب الفلسطينى القوى تفتق ذهنه عن فكرة عظيمة لإفشال مخططها، قام فلسطينيو القدس برفع الأذان من بيوتهم، كل يؤذن من نافذته أو بلكونته أو من سطح بيته، أما بعض كنائس القدس فقد سمحت بالأذان عبر مكبراتها تضامناً مع مساجد القدس، لقد هزتنى كلمات القس «مانويل مسلم» عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس وراعى كنيسة اللاتين السابق بغزة وهو يقرر: صوتنا نحن المسيحيين لأهلنا المسلمين إذا أسكتوا مآذنكم فاعتمدوا أجراسنا تدعوكم للصلاة.وقال أيضاً: نعلن نحن العرب المسيحيين أن الأذان فى القدس شرف لنا وبدونه لا شرف لنا كفلسطينيين، فمدينة القدس لها طابع دينى حضارى فلكلورى ميزته الأذان والأجراس منذ 1400 سنة، وهذه هى هوية القدس ولا نقبل أن يكتب هذه الهوية غير الله ثم القدس وأبناؤها. وقال: «الدخيل الإسرائيلى غريب عن القدس، وعاداتها وتقاليدها وحياتها، وعلى الغريب أن يرحل».
أما عضو الكنسيت «طلب أبوعرار» فقد أسمع الإسرائيليين ما يكرهونه إذ رفع الأذان من على منصة الكنيست الإسرائيلى المجتمع بكامل هيئته، وما إن بدأ هذا الرجل الشهم فى الآذان إلا وانهال أعضاء الكنيست عليه سباً وشتماً وتطاولاً، ولكنه استمر فى الأذان لم يعبأ بهم أو يلتفت إليهم، وبعد الأذان صلى على الرسول «صلى الله عليه وسلم»، ودعا «اللهم آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذى وعدته إنك لا تخلف الميعاد، وليخسأ الخاسئون». لقد تحدث عضو الكنسيت بالعبرية فى البداية ثم إذا به فجأة يقول قبل أن يؤذن: قد آن للظلم أن ينجلى.. ويسقط الباغى ويعلو الأذان.
لقد كان موقفاً مهيباً حقاً، رجل يقف وحده أمام دولة بلغت من التطرف والكراهية والإقصاء ما بلغت، لقد ذكرنى موقف هذا النائب بموقف الصحابى الجليل ضعيف البنية «عبدالله بن مسعود» حينما تلا القرآن لأول مرة فى الكعبة قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما بدأ فى القراءة كأن مساً أصاب قريشاً فتجمعوا حوله يضربونه بكل ما نالته أيديهم ويسبونه حتى لم يعرف البعض معالم وجهه من كثرة ما أصابه حتى أنه لم يستطع القيام، ورغم ذلك قال: والله لأعاودنهم بما يكرهون.
لا أدرى لماذا كرهت قريش الأذان؟! ماذا يضيرها من كلمة «الله أكبر»، والدولة الإسرائيلية لا أدرى لماذا تكره الأذان، لماذا لا يسير الإسرائيليون على نهج أنبيائهم الكرام يعقوب ويوسف وموسى وهارون وداود وسليمان فيحبون محمداً وكل ما جاء به فكل هؤلاء الأنبياء جاءوا من أجل هتاف الله أكبر؟!.
لماذا لا يتعلمون التسامح من نبيهم العظيم يوسف الكريم ابن الكريم ابن الكريم، لماذا لا يقلدون مواقفه فى العفو والصفح والرحمة؟! لماذا يسيئون جوار الفلسطينيين الذين أحسنوا إلى أجدادهم من قبل؟!
اليهود يختلفون عن دولة إٍسرائيل الصهيونية المتعصبة، ليس كل يهودى صهيونيا، يحتل الأرض ويقتل الأطفال ويذبح الأسرى، بعض علماء اليهود ينكرون ما تفعله إسرائيل وبعضهم يقول: دولة الرب لا تبنى ولا تقام على الدماء والأشلاء.
كلمات الأذان لا تخص المسلمين وحدهم، إنه النداء العلوى العظيم بتوحيد الله والخضوع له، وكل الأمم معنية بتوحيد الله فهو رب العالمين جميعاً، رب موسى وعيسى وهارون وداود وسليمان ومحمد عليهم جميعاً السلام، ورب المسلمين والمسيحيين واليهود، تحية لكل من رفع الأذان وتحدى الحظر الإسرائيلى، وتحية للكنائس التى تحدت إسرائيل وللنائب العربى الشجاع «طلب أبوعرار»، وللقس الشجاع «مانويل مسلم»، وستبقى الله أكبر ما بقيت السموات والأرض، وسيرحل نتنياهو وكل المتعصبين أمثالهم كما رحل شارون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة