لطالما كانت إندونيسيا يُنظَر إليها باعتبارها نموذجًا للإسلام المعتدل، ولكن موجة غاضبة من التظاهرات أمس الجمعة، ضد حاكم العاصمة جاكرتا غير المسلم، والتى تخللها مشاهد عنف يلوح بصعود تيار متشدد فى أكبر بلد مسلم فى العالم، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، إذ خرج حوالى 100 ألف متظاهر فى مسيرات تقودها جماعة "جبهة المدافعين عن الإسلام" تطالب بمحاكمة الحاكم المسيحى بتهمة إهانة الإسلام، بينما ارتفعت لافتات تطالب بإعدامه، وبنهاية اليوم، شهدت أعمال عنف بين المتظاهرين والشرطة.
يعتبر باسوكى تجاهاجا بورناما، أول شخص من أصول صينية يتولى منصب الحاكم، وقد واجه اتهامات بإهانة القرآن عندما استشهد بآية من القرآن فى رده على معارضيه الذين يحثون على عدم انتخابه بدعوى أن المسلمين لا يمكن أن يحكمهم كافر.
وقد اعتذر "بورناما" على تعليقه، وأعلن فتح تحقيق معه حول التهمة المنسوبة له.
وقال "يون ماشمودى"، خبير بالسياسة الشرعية فى جامعة إندونيسيا، إن "التدين فى إندونسيا آخذ فى الارتفاع، خاصًة بين الطبقة الوسطى".
كما علقت "سيدنى جونز"، مديرة معهد تحليل سياسات النزاع، قائلة: "إن ما رأيناه فى الأشهر الـ18 أو العامين الماضيين شهد تزايدا فى تحول المنظمات التى بدأت بمنهج اللا عنف إلى منظمات ترتكب العنف".
واستشهدت الصحيفة الأمريكية على تنامى التيار المحافظ بإندونيسيا بزيادة عدد المواطنات المرتديات للحجاب، وارتفاع عدد المدارس الإسلامية، ومحاولات تجريم الزنا التى أخفقت فى عام 2013، وخروج مسيرات ضد زواج المثليين وتهديد الحكومة بحجب المواقع الإلكترونية التى تدعو إلى ذلك، وتزايد الدعوات لحظر الكحول مما أثر على مبيعاته، إلى جانب سفر الكثير من الإندونيسيين لآداء العمرة وهو الأمر الذى أصبح شائعًا مؤخرًا.
ويقول خبراء أمنيون أن صعود التيار المحافظ يمهد الطريق إلى عنف محتمل، خاصًة بعدما أعلنت بعض الجماعات المتشددة فى إندونيسيا ولاءها لتنظيم داعش الإرهابى.
وتعرضت إندونيسيا – أكبر دولة مسلمة فى العالم والتى تضم الكثير من الأعراق والأديان المختلفة - فى يناير من العام الجارى إلى أول هجوم من التنظيم الإرهابى، وبعد ذلك توالت الهجمات وكان آخرها الشهر الماضى عندما طعن أحد أعضاء التنظيم ثلاثة ضباط شرطة.
وأضافت الصحيفة أن الأحزاب الإسلامية فى إندونيسيا كان آداؤها دائمًا ضعيفًا فى الانتخابات منذ سقوط الدكتاتور سوهارتو عام 1998، ومنذ ذلك الحين، وكانت إندونيسيا من أكثر الديمقراطيات استقرارًا فى المنطقة بعد تغلبها على موجة من الإرهاب والطائفية فى عام 2000.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة