دقت ساعة العمل فكفى بكاءً وعويلاً، فلم يكن هناك بد مما ليس منه بد، هى إجراءات واجبة، فلا يمكن أن يستقيم الحال بسعر عملة وهمى نصر عليه فقط لمخاطبة من يهمه الأمر، ولا أفهم ؛ بقدر ما يتوافر لى من معلومات اقتصادية محدودة؛ ما جدواه! ربما كان للحفاظ على سعر سلع استراتيجية معينة كالخبز والمحروقات تحديداً.
ولا أفهم أن يكون سعر العملة فى البنوك للمواطنين رقما على شاشة! إلا أن يكون للديكور فقط! إذ لا يتم التعامل به على أية حال بيعاً ولا شراءً إلا فى حال التعامل على بطاقات الائتمان خارج مصر وفى غير صالح الدولة أكيد، إذ تتكلف هى تعويض الفرق ما بين السعرين، وحين العودة أو التحويلات الآتية من الخارج لم يكن أحد ليبيع للبنك عملة صعبة بالسعر المعلن غير الفعلى بأقل بمقدار النصف من سعر السوق السوداء، وهنا خسر البنك الداعم الأول للعملة لديه، وبالطبع أيضا وبالتبعية لن يبيع البنك العملة للعملاء فى حال احتياجهم مما يضطر المواطن للجوء إلى السوق السوداء شئنا أم أبينا، مما انعكس فعلياً على السوق الا فى حال السلع المدعومة حكومياً كالمحروقات والخبز مثلاً والتى كان من المتوقع أن تتأثر بتحرير العملة كما حدث بالفعل.
بقاء فارق سعر العملة بين البنوك والسوق السوداء كان كفيلاً بحرمان البنك من العملة الأجنبية إلى ما شاء الله لأنه خلق نوعا جديدا من التجارة بنوع جديد من السلع تكالب عليه الناس، ألا وهو ادخار العملة و"تسقيعها" كالأراضى والعقارات، وأدخلنا فى حلقة مفرغة بعد أن اصبح الدولار سلعة وهدف فى حد ذاته وليس مجرد وسيلة معاملات، مما أصاب الوضع الإنتاجى والتجارى والاقتصادى فى مصر بخلل أو شلل.
النهاية كان لابد من المواجهة مهما تأخرت وكان لابد أن تعيش مصر بوجه واحد معلن لا وجهين معلن وغير معلن بإقرار سعر موحد فعلى وحقيقى، وكان لابد تبعاً لهذا الإجراء ما توقعنا من ارتفاع سعر الدولار ؛ و الذى أظنه مؤقتاً وحتماً سيعود إلى حيث بدأ بمجرد توقف المضاربة عليه فى بورصة العملة ؛ وكذلك من رفع سعر الوقود و غيره ..
كى نقيم موقفنا على أرض الواقع دعونا نحسبها بأسلوب مبسط ، دعونا نتناسى وجود العملات ونتخيل انها أُلغيت كلها وعدنا للتعامل القديم بتبادل السلع والخدمات على نظام المقايضة ( قَالَ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَانِى حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ۖ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ)، أو كعصور ما قبل النقود ونسأل أنفسنا: "ماذا لدينا لنقدمه للعالم نظير القمح والعلاج والمحروقات والتكنولوجيا و و و و ؟" هذا هو واقع الأمر وهو الأصل فى التعامل، فما المال إلا وسيلة استبدلوا بها حمل السلع والذهب والفضة، لذلك ؛ وعودٌ للأصل ؛ يكون هذا ما علينا بحثه والعمل عليه ، و هو أن يكون لدينا ما نقدم فى مقابل ما نأخذ إلا اذا كنا قد قررنا البقاء عالة على العالم المتقدم فى كل شىء !! و حتماً فى النهاية علينا الوفاء بديوننا ، ولن نجد أمامنا كشعب إلا أعمال الخدمة البدنية نقدمها للعالم كما كان يفعل الإنسان قبل عصر الميكنة، وحتى هذا احتمال قائم أن يستغنوا بالآلة فيها عنا مستقبلاً !!
الحل هو الإنتاج ولا شىء غير الإنتاج..
إنتاج بمعنى :
١- علوم و تكنولوچيا وكل ما يندرج تحتهما
٢ - زراعة وكل مايندرج تحتها
٣ - صناعة وكل ما يندرج تحتها
فقد دقت ساعة الإنتاج .. وعلينا ان ندرك أننا لن نحتفظ بوجودنا فى العالم ما لم يكن لنا دورٌ فعال وقوى ، و هذا لن يتأتى فرادى ولا ونحن فرادى ، فعلينا أن نتقدم للعالم كتلة قوية فريق عمل متكامل قادر على أن يعطى، ولا أوجه اللوم فى ذلك للمواطن وحده الذى لا يملك غير ذراعه ورأسه التى أجدبت وتصحرت لتجريفه علميا ومعرفياً بعد أن تم تجهيله وحرمانه منهجية التفكير بأسلوب تعليمنا وفلسفة التبعية التى يُنَشَّأ عليها والتى ابتعدت كل البعد عن إثارة البحث والتفكير والتجديد والابتكار ولا سيما عن المنطق و الرجوع للأسباب.
ترتيب الأولويات ووضع الخطط الإنتاجية الكبرى وتوجيه الإنتاج مهمة علمية كبرى تخضع للدراسة والبحث الذى يقوم بهما المتخصصون تبعا لإحصائيات وأرقام صحيحة اعتباراً لمستلزمات السوق المحلى والعالمى ولذلك فهى فى الوقت الراهن مهمة الدولة ومن صميم عملها، ويجب أن توكل للمتخصصين خصوصا فى مجتمع كما لم يملك ابداً ترشيد استهلاكه ؛ على كل المستويات بما فى ذلك حكوماته ؛ لا يملك أبداً ترشيد أوجه انتاجه على كل المستويات .
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد ...
* أستاذ بطب قصر العيني
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة