فى كل مكان يتحدث رئيس السلطة الفلسطينية عن ضغوط يتعرض لها، يقول، إن الرباعية العربية «مصر والسعودية والإمارات والأردن» يضغطون عليه لإعادة النائب محمد دحلان مرة أخرى إلى حركة فتح، كما يقول أيضاً إن قطر تطلب منه صراحة تمكين حركة حماس وتمهيد الطريق أمامها للسيطرة على الوضع الفلسطينى فى الضفة الغربية بعدما بسطت يديها على قطاع غزة.
يشيع أبومازن هذا الحديث فى محاولة للملمة أوضاعه قبل انعقاد المؤتمر العام السابع لحركة فتح، فى التاسع والعشرين من نوفمبر الجارى، إذا كان بالفعل صادقاً فى هذا التاريخ، لأنه دائم التهرب من عقد هذا الاجتماع.
الواقع يؤكد أن أبومازن يقع تحت ضغط واحد وهو أبومازن نفسه، فلا أحد يمكنه الضغط عليه إذا كان مستقلاً فى قراره، ولديه قناعة داخلية بأن القرار يجب أن يبقى فلسطينيا، لا أن يقول ذلك وفى اليوم التالى نراه مرتميا فى أحضان القطريين، ويقول لهم أنتم رعاة العدل فى المنطقة.
كلى يقين بأن أبومازن يواجه مأزقا شديدا، لكن للأسف الشديد هو من وضع نفسه فى هذا المأزق، لأنه اختار لنفسه طريقاً يعتبره الأفضل له، وهو تطفيش كل قيادات فتح، واللعب على وتر المصالحة مع حماس برعاية مالية وإعلامية قطرية، فهو لا يهمه دحلان ولا غيره من قيادات فتح، فى النهاية هو يبحث عن من يضمن له الاستمرار على الكرسى، والقطريون وعدوه بهذا المر، لكنهم يبدو أنهم اشترطوا عليه المشاركة الحمساوية فى الحكومة المقبلة، شرط مقبول لدى أبومازن لكنه يخشى من ردة الفعل الفتحاوى، لذلك فهو يحاول من الآن وضع الفتحاويين، خاصة التابعين له بين خيارين، إما دحلان وجماعته أو حماس والمال القطرى، وبكل تأكيد ستكون الغلبة للطرف الثانى، لأن مصالح رجال أبومازن متواصلة مع الدوحة، وبالتالى فليس هناك من مفر، خاصة أن هناك مخاوف من رجال أبومازن من فكرة عودة دحلان مرة أخرى، وهو خوف غير مبرر حتى الآن، يتحدثون عن اتهامات لكن بدون دليل، ويبقى الاتهام الوحيد أن دحلان يذكر أبومازن ورجاله بماضيهم.
يتحدث أبومازن للمقربين عن موقف صعب، وأن الدائرة تضيق من حوله، خاصة من الدول العربية التى كان يعتمد عليها فى تحركاته، وربما يكون صادقاً فى ذلك، لأن القضية بالنسبة لنا جميعاً لا علاقة لها بشخص دحلان أو أبومازن، وإنما مرتبطة بالقضية الفلسطينية التى تاهت معالمها، وسط تبادل لا طائل منه للاتهامات، ووصلنا إلى مرحلة لم يكن أحد منا يتمناها، لحظة يتبادل فيها الأشقاء الاتهامات، بينما العدو الإسرائيلى يتابع الموقف من بعيد وهو مبتسم.
قد نكون مخطئين فى مهاجمة أبومازن، لكن هل السكوت سيصنع جديدا، أم سيهيل مزيدا من التراب على القضية الفلسطينية التى تراجعت كثيراً فى ترتيب أولويات المواطن العربى؟ ولاحظ هنا أنى أقول المواطن العربى وليس الحكام العرب، والفرق هنا واضح، فالمواطن مل من كثرة الالاعيب السياسية والتصريحات التى لا طائل من ورائها.
مشكلة أبومازن أنه يعتقد نفسه رمزا للقضية، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن رمزية القضية انتهت برحيل ياسر عرفات، وفشل أبومازن فى أن يتناولها بيديه، لأنه كان يفكر فى أمر آخر، لم يفكر فى القضية ورمزيتها وإنما كان تفكيره منصبا على التخلص ممن يعتبرهم خصومهم الحاليين والمستقبليين.
هكذا اختار أبومازن طريق الضياع له ولفلسطين كلها، وإذا سكتنا عليه، بحجة أننا نساعد الإسرائيليين فى تضييق الخناق عليه نكون واهمين، لأن الإسرائيليين فى كل الحالات سعداء لأنهم مع أبومازن أكثر استقراراً، وسيزداد استقرارهم حال نجاح المقايضة القطرية بين أبومازن وحماس، لأننا سنكون أمام أكثر ثلاثى خدم وا زال يخدم المصالح الإسرائيلية فى المنقطة، وعلى فلسطين السلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة