ليس دفاعا عن باراك أوباما، لكن الحقيقة أنه بعد رحيله عن البيت الأبيض سنتوقف عن متابعة أمر جيد مرتبط بعدد الكتب التى يقرأها الرئيس الأمريكى فى إجازته الرسمية كل عام، وبالتأكيد سوف يغيب الكتاب تماما عن الشكل الرسمى للحكومة الأمريكية.
سوف تبدأ الانتخابات الأمريكية وتنتهى نهاية غير مرضية لأحد، فالساعيان للبيت الأبيض لا يحظيان بالرضا التام وغير قادرين على الإقناع الكلى للجماهير، لكن الشعب الأمريكى والعالم معه أصبحا أمام اختيارين أحلاهما مر، وعلى المستوى الثقافى علينا أن نعتقد أنها ستنزوى بشكل كبير فى السنوات المقبلة.
المرشح دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى لديه مفهوم مختلف للثقافة لا يدخل ضمنها الكتاب، وقد صرح من قبل بأنه لا يقرأ لدرجة أنه لم يقرأ أى سير ذاتية لرؤساء أمريكا السابقين، كما أنه فى تصريحات نقلتها صحيفة «واشنطن بوست»، قال إنه ليس لديه وقت للقراءة ولم يكن لديه وقت أبدا، فهو دائما مشغول بأمور كثيرة، والآن مشغول بدرجة أكبر من ذى قبل.
أما هيلارى كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطى فعلى الرغم من كتابتها لمذكراتها تحت عنوان «خيارات صعبة» إلا أن المتتبع لطريقة تفكيرها فى الحياة واختيارها للأمور والأخطاء الفادحة التى ترتكبها سيعرف جيدا أن المعرفة لديها لم تتحول إلى سلوك، لذلك حتى لو حاولت التظاهر بالقراءة فإن الأمر لن يكون صادقا، بل سيصبح الأمر مزحة ثقيلة الدم يعرفها الجميع وأولهم الأمريكان.
ربما يعتقد البعض أن هذا الغياب الثقافى من البيت الأبيض أمر عادى، لكنه فى الحقيقة خطير جدا وسيختصر سنوات كثيرة من عمر أمريكا، وحتى نصدق ذلك علينا مراجعة ما فعله جورج دبليو بوش فى أمريكا والعالم، بسبب عدم قراءته، ولن تستغرب، فأول كتاب قرأه «بوش» كاملا هو «الإنجيل» وكان وقتها قد تجاوز الأربعين من عمره، وقد فعلها والده جورج بوش من قبله الذى دمر العالم بحروب الخليج، حيث فى مطلع التسعينيات، وفى إحدى الندوات المخصصة للأدب، قالت باربارا بوش إن زوجها جورج بوش، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فى ذلك الوقت لا يقرأ كتبا مطلقا.
المرشحان الأمريكيان بأخطائهما الفادحة يعكسان من زاوية أخرى تراجع الثقافة فى المجتمع الأمريكى، وانحرافها عن سياقها الطبيعى، لأنه ليس من المعقول أن شعبا يقرأ تنحصر اختياراته فى رجل متهور لايملك خطة وفى امرأة ليس لديها الثقة الكافية لمواجهة المشكلات.
فقط علينا متابعة ما يحدث فى السنوات القادمة ونطالع التدهور السياسى والاقتصادى الذى سيحل بأكبر دولة فى العالم لأنها قررت التخلى عن الكتاب والمعرفة فى صالح الإعلان والشو واختيار حكاما لا يقرأون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة