«قصف العقول».. الدعاية للحرب منذ العالم القديم حتى العصر النووى، من تأليف فيليب تايلور، وصدرعن سلسلة عالم المعرفة. واحد من عشرات الكتب ترصد كيف كانت الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى، حرب دعاية وتجسس وتسويق. وكان سقوط الاتحاد السوفيتى فى جزء منه بسبب حرب دعاية شنتها أمريكا بجهاز إعلامى ودعائى تفوق على نظيره السوفيتى.
عندما قرر جورج دبليو بوش، غزو العراق، بدأت واحدة من أكثر حملات «فصف العقول» قادها الإعلام الأمريكى من فضائيات وصحف، كانت تستخدم معلومات تعرف أنها مغلوطة، واعترف وزير الخارجية وقتها كولن باول، أنه ألقى خطابا كاذبا، أمام مجلس الأمن اتهم فيه العراق بامتلاك أسلحة نووية.
كانت حملة الدعاية الأمريكية، هدفها «كسب العقول والقلوب» واستأجرت الإدارة الأمريكية إحدى شركات التسويق التى نجحت فى تسويق نوع راكد من الأرز جعلته يتقدم المبيعات. وتم استئجار الشركة لتسويق الحرب، والفاتورة دفعتها شركات السلاح والبترول. وهى نفس الشركات التى حصدت الأرباح بعد خراب العراق. تم افتتاح فضائية الحرة وإذاعة سوا، وتجنيد مئات من الصحفيين والإعلاميين مارسوا أخطر عمليات قصف العقول وإقناع العالم بأن العراق يهدد العالم بترسانة نووية مشكوك فيها، بينما لاخطر من ترسانة إسرائيلية نووية مؤكدة.
بعد سنوات من سقوط الاتحاد السوفيتى، اعترف آخر سكرتير عام ورئيس سوفيتى ميخائيل جورباتشوف، أنه تعرض لخداع عندما احتفى الغرب بمحاولاته إصلاح النظام الشيوعى، ودفع نحو حرب دعائية لتفكيك الإمبراطورية. وكانت إحدى أدوات الدعاية موسيقى الروك وكوكاكولا ومحلات كنتاكى، واستيقظ السوفييت على تفكك وكادت روسيا تذهب فى رياح الفوضى والجريمة. وعندما فكر فلاديمير بوتين فى استعادة روسيا من الضياع، بدأ فى بناء أدوات الدعاية، على الطريقة الأمريكية، واكتشف أن الهزيمة النفسية للخصم تسبق الهزيمة بالسلاح.
من هنا كانت حرب الدعاية و صناعة وحماية الصورة وتسويق السياسات جزءا من نجاح أى نظام، كانت مصر تمتلك أدوات الدعاية الناجحة من صوت العرب حتى قنوات التليفزيون واجهت الكثير من الهجمات. وكسبت أمريكا الحرب الباردة أولا بالدعاية. وقصف العقول يسبق قصف الطائرات. كما أشار فيليب تايلور فى كتابه.
وعندما بدأ بوتين عملية إنقاذ روسيا بدأ ما سماه المحللون الأمريكيون «الثورة الدعائية ما بعد الحرب الباردة». ظهرت شبكة روسيا اليوم RT، بكل لغات العالم، 2005، موقع «سبوتنيك»، عام 2012. روسيا واجهت تسريبات بنما بتسريبات ويكليكس.
كل هذا يعنى أن الدعاية والحرب النفسية من أدوات الصراع السياسى، ولايمكن لوم طرف على إجادة استعمالها، ومن السذاجة إنكار وجودها.