ربما يكون فوز دونالد ترامب المرشح الجمهورى المثير للجدل مفاجئا للبعض ومحزنا للبعض الآخر، ولكن بالنسبة للأمريكيين الذين صوتوا من أجل فوزه، فهو حقق المعجزة، بعد حملة إعلامية شرسة من قبل منافسته هيلارى كلينتون، التى حظيت بتأييد كبرى الصحف والمجلات، بل وحظيت بتأييد سياسى وفنى كبير.
إذا كيف فاز ترامب؟
الهجرة
لم يدخر المرشح الجمهورى جهدا فى إغضاب الأقليات فى الولايات المتحدة باستخدامه تعبيرات غير لائقة تستهدفهم مثل اللاتينيين الذى وصفهم بالمغتصبين، ومع ذلك، شكل موقفه من الهجرة إطار حملته الانتخابية.
وحاول ترامب بعد ذلك تغيير موقفه، فبدلا من الدعوة لبناء حاجز على الحدود لمنع دخول اللاتينيين، دعا لطرد المهاجرين غير الموثقين من الولايات المتحدة، الأمر الذى اعتبره الخبراء أمرا يضر بالاقتصاد الأمريكى، لأنه يأخذ الكثيرون من سوق العمل. ثم غير وجهة نظره، وأكد أنه سيبدأ فى ترحيل المهاجرين غير القانونيين الذين لديهم سجل إجرامى.
كما حذر ترامب من المهاجرين الذين يأتون من المناطق التى يوجد بها "الإرهاب". وبرغم لغته المثيرة للجدل، إلا أنها لاقت ترحيب لدى الأمريكيين القلقين مما يحدث حولهم فى العالم.
إصلاح واشنطن
وتقول روث شيرلوك الكاتبة البريطانية فى مقال لها بصحيفة "التلجيراف" البريطانية، إن تبنى ترامب لفكرة إصلاح الداخل، لاقى ترحيب كبير بين
الأمريكيين، الذين شهدوا خلال العقد الماضى تابعيات حربين فى العراق وأفغانستان، فهو ركز على "تقليل التأثير الفاسد للمصالح الخاصة".
وقال أثناء حملته الانتخابية إن "بلدنا سيصبح بلد كرم ودفء وأمن ونظام؛ لأن الازدهار لن يحصل فى غياب القانون والنظام"؛ مشيرا إلى أن نسبة الجريمة فى 50 مدينة أمريكية كبيرة ارتفعت إلى 70 فى المائة، وأن 4 من كل عشرة أطفال أمريكيين من أصول أفريقية يعيشون فقراء، و14 مليون شخص فقدوا وظائفهم. وأن الفساد بلغ فى الولايات المتحدة مستويات عالية.
وانتقد ترامب منافسته كلينتون، معتبرا أن القرارات التى اتخذتها "غير عقلانية" أدت إلى "أحداث كارثية تتطور حاليا". وقد انتقد ترامب سياسة واشنطن إزاء سوريا وإيران والناتو. وأعلن أنه سيطلب من جميع حلفاء الولايات المتحدة دفع ثمن حمايتهم عسكريا من جانب الولايات المتحدة.
وقال "سوف نعيد بناء جيشنا المنهك، وسوف نطلب من البلدان التى نحميها بتكلفة عالية، بدفع حصتهم من ذلك".
التجارة
تعهد ترامب بألا يلتزم بتقاليد الحزب الجمهورى المتعلقة بتأييد التجارة الحرة، وقال إنه سيفرض سياسات "حمائية" لغلق الحدود الاقتصادية للولايات المتحدة.
واعتبرت روث أن ترام سيعيد التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا الشمالية مع كندا والمكسيك. وسيلغى اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادى، وهو الاتفاق التجارى المثير للجدل بين 12 دولة.
ورغم أن الاتفاق يعمق العلاقات الاقتصادية بين هذه الدول، إلا أنه يزيد التنافس بين القوى العاملة فى أسواق تلك الدول.
السياسة الخارجية
تبنى ترامب نهجا أيضا يتسم بالحماية، ففيما يتعلق بسوريا، ألمح أن بشار الأسد أفضل من قوات المعارضة الإسلامية التى تدعمها الإدارة الأمريكية، الأمر الذى لاقى ترحيبا بين الأمريكيين القلقين من تأثير الإرهاب على بلدهم.
كما تعهد بقصف داعش فى الشرق الأوسط وألمح إلى أنه سيتخلى عن حل الدولتين كحل مستدام للصراع الإسرائيلى الفلسطينى.
الضرائب والعمال
سعى المرشح الجمهورى دونالد ترامب لاكتساب قوة دفع بين الناخبين بالتركيز على الجانب الاقتصادى، عن خطط لإعفاءات ضريبية جديدة ووقف العمل بقواعد تنظيمية، الأمر الذى لاقى ترحيبا بين طبقة العمال.
وقال ترامب إن خطته تتضمن فرض تعليق مؤقت على إصدار قواعد اتحادية جديدة وخفض معدلات ضرائب الدخل والشركات ومخصصات جديدة للآباء والأمهات العاملين الذين يتحملون تكاليف رعاية أطفال.
واعتمد ترامب على انتقاد خطة هيلارى الاقتصادية، والتى قال إنها ستضر الطبقة العاملة برفع الضرائب عليها. كما قال إن نظام الرعاية الصحية التى تبنته كلينتون، -مستأنفة بذلك نهج سلفها باراك أوباما- يكلف الأمريكيين أكثر مما ينبغى.
الحزب الديمقراطى
ربما من حظ ترامب الجيد أن الرئيس الحالى للبلاد، باراك أوباما ينتمى إلى الحزب الديمقراطى، وتبوأ منصبه لفترتين رئاسيتين، وتاريخيا من الصعب للغاية أن يأتى رئيس من نفس الحزب مرتين متتاليتين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة