أكرم القصاص

«المخدوش» ليس فردا.. بل طريقة تفكير

الخميس، 01 ديسمبر 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدا البعض مصدوما من كلام نائب اعتبر أدب نجيب محفوظ خادشا للحياء، بينما النائب ليس فردا، لكنه طريقة تفكير، يمثل قطاعا ليس قليلا، ونتاجا لأفكار منتشرة، وأحكاما يصدرها دعاة أو محللون لم يقرأوا لنجيب محفوظ ولا غيره، لكنهم ربما سمعوا عنها، مثلما يصدر البعض أحكاما على أشخاص وأفكار سماعيا، ليس فقط فى الأدب لكن فى السياسة والاقتصاد وغيرهما.
 
يتساءل البعض: كيف وصل مثل هذا النائب للبرلمان؟ ويتجاهل هؤلاء أن النائب وزملاء له، كانوا بمعرض رفض إلغاء المادة التى تحبس على الخيال، والتى تم بموجبها حبس الكاتب أحمد ناجى، بسبب أسطر فى رواية «استخدام الحياة» تم انتزاعها من سياقها، ومثلها كثير فى تراثنا الفقهى والأدبى، ومازلنا نتذكر بلاغا يطالب بمصادرة وحرق ألف ليلة وليلة، لأنه رآها قصة إباحية، بسبب عدة مقاطع لا تتجاوز واحد من آلاف تمثل عملا فذا، المصادفة قادت إلى محكمة رفضت مصادرة الخيال.
 
ربما يكون من حسن الحظ أن خرج النائب أبو المعاطى ليعبر عن وجهة نظر تعتبر «بين القصرين، وقصر الشوق والسكرية» أعمالا تخدش الحياء، وتستحق العقاب، زملاؤه لم يقولوا مثله لكنهم عبروا عمليا عن نفس طريقة التفكير، رفضوا إلغاء الحبس فى القانون، وهم كانوا يعبرون عن قطاع فى المجتمع ساد خلال العقود الأخيرة.
 
النائب كالعادة أصبح نجما، وصنع مناسبة لذكر نجيب محفوظ، وأعماله، لكن البعض نسى قصة رواية «وليمة لأعشاب البحر» للروائى حيدر حيدر، والتى نشرت فى قصور الثقافة وشنت جريدة الشعب وقتها حملة اعتبرت فيها الرواية كارثة تهدد الإيمان، وطلب كاتب مبايعته على الموت لمنع وإعدام الرواية ومن طبعها، وجيشت الصحيفة كتابا بدأوا يفتشون فى الأشعار والروايات ليبحثوا عما يمثل خدشا للحياء أو عدوانا على المعتقدات.
 
لقد تم منع نشر رواية نجيب محفوظ «أولاد حارتنا» بأحكام شفهية، وبعد سنوات طعن شاب من الجماعة الإسلامية محفوظ فى رقبته بسكين وأمام المحكمة اعترف أنه لم يقرأ الرواية، ولا أى سطر من أعمال الكاتب، ولا غيره، لنكتشف أن الأحكام على الأدب، تصدر شفهيا بتكفير أو إباحة عمل أدبى وتحديد مصير كاتبه.
 
نجيب محفوظ ترك أدبا احتل مكانه، وربما لاتؤثر عليه اتهامات وتصريحات النائب، لكن بعض من اتخذوا رد فعل، تجاهلوا أن هناك طريقة تفكير يمثلها النائب، لا ينفيها إبداء الامتعاض بقدر ما تمثل نتاجا لتراكمات وأفكار لدى قطاعات اعتادت أن تصدر أحكامها سماعيا وشفهيا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة