أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

عقبة بن نافع رجل حضارة

الخميس، 01 ديسمبر 2016 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التراث حمال أوجه، به الخير وبه الشر، به التسامح وبه العنف والمقامرة، وكل باحث يعرف الطريق التى يسلكها جيدا، ولسنا فى حاجة للقول بأن الغرب عندما بدأ نهضته لم يقم بالقطيعة مع تراثه كما يتخيل البعض، لكنه أحيا منه ما يصلح لبناء العالم الحديث، فانتبه للعلم والعلماء فأخذهم معه ولم يتخل عنهم، وفى التراث العربى يوجد العلم، لكننا نتجاهله ونذهب لمناطق الخلاف والجدل والادعاءات.
 
أتفق مع ما قاله الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بأننا فى حاجة فى مناهجنا التعليمية أن ندرس الشخصيات المعاصرة التى ساهمت فى بناء المجتمع المصرى، وارتقت به مثل طلعت حرب أكثر من حاجتنا لدراسة الشخصيات التاريخية، لكننى أختلف معه بشدة فى النموذجين اللذين اختارهما وهما عنترة بن شداد وعقبة بن نافع، فى الدلالة على القديم، لأن كلا من عنترة وعقبة كانا نموذجين حضاريين فى وقتهما، ولو تمت دراسة سيرتيهما فى إطار هذا المنطق، سيحملان فائدة كبيرة.
 
عنترة بن شداد نموذج الدعوة للحرية فى العالم القديم، إنسان صنع نفسه، قاوم عبوديته وإحساسه بالضياع، معتمدا على قدراته الخاصة، وموقنا بأسطورته الذاتية، وقائلا للشعر الذى خلده فى الوجدان العربى، فعنترة غيَّر قيم وتقاليد القبيلة العربية، ولم يكن مجرد فرد فى جماعة، بل أجبر هذه الجماعة على الاعتراف به سيدًا بعد أن كان عبدا يرعى نوقهم فى الصحراء، كما أنه كان محبا فعل المستحيل من أجل الحب، لو تعلم الطالب المصرى ذلك لتحول عنترة لديه إلى رمز حضارى يتحدى الزمن، ويعيش محملا بالحداثة المناسبة للمجتمع، ولم يعد رجلا أسود اللون يقتل الناس طوال الوقت. أما عقبة بن نافع فكان يتحرك للأمام حاملا حضارته المؤمن بقيمتها وقدرتها على صناعة الاختلاف فى العالم القديم، كان ينشر قيما وعدلا فى المجتمعات التى كان يفتحها، وفى النهاية دفع حياته ثمنا لما آمن به، كما أنه كان رجلاً يعرف الأحلام، وقف على شاطئ المحيط وقال «أيها البحر لو كنت أعرف أن خلفك أرضا لعبرت إليها».
 
المشكلة ليست فى الشخصيات التى ندرسها، لكن فى طرق تدريسها، فى القائمين على وضع المناهج وفى الزاوية التى يعالجون منها الشخصيات، هم لا يذهبون إلى قلب الشىء وحكمته لكنهم يكتفون بالقشور.
 
هذا طبعا لا يعنى أن النماذج الحديثة أقل من القدماء، على العكس لدينا تاريخ معاصر ورجال حلموا من أجل هذا الوطن، وللأسف المناهج التعليمية ورجالها لا يعرفون عنهم شيئا، وذلك فى مجالات شتى، فالتعليم فى مصر يحتاج إلى مراجعة، لكن ليست على حساب التاريخ.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة