أحمد أبو الغيط من أبوظبى: بعض الدول العربية تتدخل فى شئون جيرانها وتنسلخ من عروبتها.. وتركيا احتلتنا 5 قرون ولم نتحدث لغتها.. ومؤسسات العمل العربى ليست كسيحة..ومطلوب صياغة بديل لثقافة القتل وسبى النساء

الإثنين، 12 ديسمبر 2016 04:02 م
أحمد أبو الغيط من أبوظبى: بعض الدول العربية تتدخل فى شئون جيرانها وتنسلخ من عروبتها.. وتركيا احتلتنا 5 قرون ولم نتحدث  لغتها.. ومؤسسات العمل العربى ليست كسيحة..ومطلوب صياغة بديل لثقافة القتل وسبى النساء أحمد أبو الغيط أمين جامعة الدول العربية
رسالة أبوظبى مدحت صفوت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مدحت صفوت
 

* أزمة العرب الكبيرة فى الفكر أولاً وفى العمل ثانياً والخروج منها يقتضى إشراك المثقفين فى طرح الأسئلة واقتراح الإجابات

 

* الإمارات نموذج نادر فى تأسيس الشرعية ووحدة الدولة على قاعدة راسخة من الإنجاز

كشف أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربيّة، أن بعض الدول العربية تتدخل فى شئون جيرانها العرب وتعمل مع القوى غير العربية للانسلاخ من العروبة، موضحًا أن العرب متماسكون ثقافيًا، فتركيا احتلت البلاد العربية 5 قرون ولم يتحدث أى عربى التركية.

 

واستهل أبو الغيط كلمته، فى افتتاح مؤتمر "فكر 15"، الذى تنظمه مؤسسة الفكر العربى فى العاصمة الإماراتية أبوظبى، بتحية الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسسة، والدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجيّة بالإمارات، والدكتور عبد اللطيف بن راشد الزيانى الأمين العام لمجلس التّعاون الحليجيّ.

وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عن سعادته الكبيرة بالوجود اليوم بين نخبة مختارة من خيرة المثقفين العرب، مقدمًا  التحية لهم فرداً فرداً، وموجّهًا الشكر لمؤسسة الفكر العربى على ما توفره من مجال نادر للاشتباك المعرفى بين مثقفى الأمة من أقصاها إلى أقصاها، كما أوجه التحية لدولة الإمارات على احتضانها للمؤتمر.

مضيفًا "الحقيقة أن الحدث الذى نشهده اليوم يجمع بين الاحتفال والاحتفاء من جانب، وتبادل المعرفة وتلاقح الأفكار من جانب آخر، حيث الاحتفال بدولة الإمارات وعيدها، واحتفاءٌ بتجربة مجلس التعاون الخليجى الرائدة الذى احتضنت هذه المدينة أولى قممه منذ ما يربو على 35 عاماً. والحقُ أن الفضل يعود لمؤسسة الفكر العربى فى إدخال هذا التقليد الرائع: فالاحتفال لا يكون بالأهازيج والأناشيد فحسب، وإنما بالفكر وتدارس التجارب وتعميم الخبرات.

وإحياء ذكرى مرور 45 عاماً على إنشاء دولة الإمارات، و45 عاماً على انضمامها للجامعة العربية، هو واحدة من هذه المناسبات التى يصح أن نتوقف أمامها بما يليق بها من التأمل واستلهام العبر والدروس.

فهذه الدولة هى نموذج فريد على ما يُمكن أن تفعله الحِكمة السياسية وفن الحُكم وإدارة الدول من تغيير الواقع للأفضل، وإعادة هندسته بصورة قابلة للبقاء والازدهار والاستدامة إن شاء الله.

وشدد على حاجتنا إلى إمعان النظر فى ذلك النموذج الذى تقدمه دولة الإمارات، بوصفه نموذجًا نادرًا فى تأسيس الشرعية ووحدة الدولة على قاعدة راسخة من الإنجاز الذى تعم ثماره على المواطنين جميعاً، مبينًا أنه نموذج لافتٌ فى تحقيق الوحدة لأن عنوان المرحلة للأسف هو التفكك والتفتت، ولا يخفى على أحد ما تواجهه الدولة العربية المُعاصرة من أزماتٍ طاحنة لا مثيل لها فى التاريخ الحديث، إنّها أزمات تضرب كيانها ذات، وتُمزق نسيجها الجامع، وتهدم وحدتها الوطنية.

 

وتابع أبو الغيط" ربما يُجادل البعض بأن الأزمة تعود إلى ظروف نشأة بعض الدّول العربيّة بحدودها المعاصرة التى رُسمت منذ مائة عام وكانت تحمل ما تحمله من ألغام وقنابل موقوتة جاء أوان انفجارها بعد عقود ظلت فيها مكتومة ومكبوتة، وقد يرى البعض الآخر أنّ الأزمة لصيقةٌ بتكوين الدّولة ذاتها، وبطبيعة العقد الاجتماعى الناظم لعلاقات الحُكم والمجتمع فيها، إنّها موضوعات تحتاج لإعمال الفكر وإطالة الدرس من جانب المثقفين والأكاديميين ورجال البحث الذين أرى أمامى بعضاً من ألمع رموزهم فى العالم العربى".

 

وبيّن أنّ ثمةَ دول تتفكك ويتمزق نسيجها، وأخرى يُناضل أبناؤها من أجل الحفاظ على كيانها، وهناك لاجئون بالملايين ونازحون ومشردون يقطنون المُخيمات ويعيشون على الكفاف، وثمة مهاجرون ضاقت أوطانهم عليهم بما رحبت، فألقوا بأنفسهم فى البحر، وفيهم النساء والأطفال، غير مبالين بالموت أو التشريد فى بلاد غريبة، وكأنهم يهربون من الجحيم الذى يعيشونه ويعرفونه، إلى جحيم آخر غير معلوم.

مستدركًا "فى وسط هذا الاضطراب الكبير قد يرى البعضُ أنه لا وقت للفكر ولا مجال للبحث، وأن "السيف أصدق انباء من الكُتب"  فالتحديات الجسام تفرض علينا – كأمة عربية- أن نحشد الهمم للدفاع عن وجودنا ذاته فى مواجهة التهديدات القادمة من داخل دولنا ومن محيطنا القريب، والحقُ أن أزمتنا الكبيرة – كما أراها- هى أزمة فى الفكر أولاً، وفى العمل ثانياً. فالفكر سابقٌ على العمل. وإذا صح الفهم صلُح العمل. وحسناً فعلت مؤسسة الفكر العربى أن جلبت الفكر والبحث إلى ساحة العمل العربيّ، وجاءت بالمُفكرين إلى رحاب جامعة الدول العربية فى لقاءات ومؤتمرات متتالية كان هدفها العريض هو توصيف المأزق العربى الراهن ومناقشة سُبل الخروج منه، والحق أنه لا خروج من أزمتنا الحالية سوى بإشراك صفوة العقول فى بلادنا فى طرح الأسئلة الصحيحة، واقتراح الإجابات والحلول".

 

وأضاف أنّ البعض ينظر إلى التكامل العربى باعتباره ترفاً بعد أن صار عددٌ من الدول مهدداً فى بقائه، والصحيح أن يكون التّكامل ذاته هو الطريق للحفاظ على الجسد العربى سليماً فى مجموعه، صحيحاً فى بنيته وقوامه.

 

وأوضح أحمد أبو الغيط، أن الآباء المؤسسين لجامعة الدّول العربيّة كانوا بعيدى النظر عندما اختاروا مفهوم السيادة منطلقاً لمشروعهم الوحدويّ، فالجامعة منظمة لدول ذات سيادة، منظمة بين حكومات وليست سلطة عُليا فوقها، تقوم آلية عملها على أساس التوافق السياسى والرضاء العام، ومحظور عليها التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، كما أكد مسار التاريخ صدق رؤية المؤسسين الأوائل.

وأكد أبو الغيط أن المفهوم الواقعى للتكامل هو ذلك الذى أخذت به مُبكراً الجامعة العربية من اعتماد مبدأ التنسيق بين دول مُستقلة، صحيحٌ أن هذا التنسيق لم يرق إلى مستوى الطموح والمأمول، وأن الطريق ما زالت طويلة، إلا أنه يظل الطريق الصحيح والمنهج السليم فى تحقيق التكامل العربي.

مشددًا على أن مؤسّسات العمل العربى المشترك ليست كسيحة أو مُعطلة كما يظن البعض. ما ينقصنا ليس الكيانات المؤسسية، التى ربما نعانى من تخمتها وليس ندرتها. ما نفتقر إليه، فى تقديري، هو الفلسفة الناظمة للعمل، والترتيب السليم للأولويات.

 

أبو الغيط: 3 أولويات أمام العرب لتحقيق التكامل

وشدد على ثلاثة أولويات رآها تقع فى القلب من فلسفة التكامل العربيّ، أولها تجديد معنى العروبة، بما يمثل هماً رئيسياً لمؤسسة الفكر العربى وعنواناً لعملها، فالعروبة لا ينبغى أن تظل مفهوماً جامداً أو فكرة متحجرة منغلقة، جربنا ذلك دهراً، فكان ما كان من انفجار الدول وتفتتها.

وقال إن العروبة التى ننشدها جميعاً مفهوم رحبٌ، متسامح مع الآخر المختلف فى الدين أو العرق، قابلٌ بالشراكة معه فى إطار الدولة الوطنية الجامعة، مبينَا أنّ الجامع الأول بين دول الجامعة العربية لغوى وثقافي، وتعرضت المنطقة لحُكم عثمانى لخمسة قرون ولم يحدث أن نطق بلدٌ عربى واحد بالتركية.

كما أنّ أول أهداف التكامل العربى هو الحفاظ على عروبة الدول العربية، ولا يخفى أن بعض دولنا يواجه تهديداً بسلخه من عروبته وعزلها عن محيطه، وبعض النظم الحاكمة يُساعد للأسف على ذلك الانسلاخ بتحالفه مع قوى غير عربية، وارتهان إرادته لهذه القوى التى تُمعن فى تدخلها السافر فى شئوننا.

أمّا الأولويّة الثانية، فسمّاها بـ"مواجهة أزمات الوجود"، قاصدًا بها أزمات الانفجار السُكانى والتدهور البيئى والشُح المائي، بوصفها أزمات لا قبل لدولنا بمواجهتها فُرادى ولابد من التنسيق الجماعى للتعامل معها. موضحًا أنّها نوعيّة من التحديات الخطيرة التى يتعين على جهود التكامل العربى أن تنصرف إليها وتلتفت لها وتنصب عليها، وتستلزم جهداً جاداً على صعيد التكامل الاقتصادى والعلمى والتقنيّ، ولدى الجامعة العربيّة من الخبرات والمؤسسات والكيانات ما يصلح كأساس لتنسيق حقيقى على كافة هذه الأصعدة على أساس علمى ومؤسسى راسخ.

أمّا الأولويّة الثالثة فسمّاها بـ«التكامل العربيّ» لتحقيق الصحوة الفكرية، موضحًا أنّه ذكرها ثالثًا ليس لأنّها الأقل أهمية بل للفت النظر إلى أن أياً من الأولويات السابقة لن يتحقق من دونها.

 

أمين جامعة الدول: مطلوب من المثقفين صياغة بديل فكرى لأيديولوجيات القتل وسبى النساء

واستطرد أمين عام جامعة الدول العربية، رأينا جميعاً كيف خُربت بعضٌ من أزهى حواضرنا على يد نفرٍ من أبنائها خُربت عقولهم وتلوث فكرهم، خراب العمران هو محصلة لخراب الإنسان. وبناء الإنسان لا يكون سوى بتربية الفكر النّاقد، والعقل القادر على استيعاب العالم من حوله.

وطالب المثقفين العرب صياغة بديل فكرى مُتماسك لأيديولوجيات القتل والدمار وسبى النساء، كما طالب بتعديل مسار الثقافة العربية لتقوم على الإبداع لا الإتباع، على العقل لا النقل. وتستلهم قيم العصر الذهبى الفائت عندما انفتحت على الدنيا بناسها وثقافاتها وأفكارها، واستوعبت ذلك كله، ولم تلفظه أو ترفضه أو تخشى التفاعل معه.

وشدد أبو الغيط على أهمية انهماك المثقفين العرب فى عمل متضافر جماعى  ومؤسسى من أجل خلق هذه الثقافة الجديدة القائمة على الابتكار، وإن إيجادها أهم من أى جهد يُبذل فى المجالات الأخرى، وهذا العمل الثقافى الضخم لا يُمكن أن يتحقق إلا فى إطار تكاملى وليس صدفة أن يكون واحداً من أوائل إنجازات جامعة الدول العربيّة صدور "معاهدة الوحدة الثقافية العربية" فى 27 نوفمبر 1945 بهدف "التعريف بالثقافة العربية وتنشيط حركتها، وتعزيز اللغة العربية وجميع روافدها الحضارية والتراثية الأصيلة".










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة