على الموقع الإلكترونى لـ«اليوم السابع» كتبت بعد وقوع حادث الكنيسة البطرسية مقالًا بعنوان «دماء على وجه المولد النبوى»، وفيه أبرزت الفارق بين الإسلام الحضارى الراقى الذى تعتنقه مصر، والإسلام البدائى الصحراوى الذى أتى لنا بالشر كله، وقلت إن مصر ابتكرت الاحتفال بالمولد النبوى لتظل ذكرى الرسول عالقة فى الأفواه ممزوجة بالسكر، بينما أتى الحادث الإرهابى ليمزجها بالدم، وقلت إن مصر على لسان أمير شعرائها قالت «ولد الهدى فالكائنات ضياء»، بينما يقولون فى دين البداوة إن الرسول أتى بالذبح، وقلت إن مصر تعظم من الرسالة المحمدية، مبرزة معنى الرسول كـ«رحمة للعالمين»، بينما يردد المخربون أنه «أتى بين يديه سيف»، وللأسف فقد نالنى من الهجوم على الموقع الإلكترونى لـ«اليوم السابع» ما نالنى، والبعض اتهمنى باتهامات ظالمة، مؤولًا ما كتبته وفق أهوائه، معتقدًا على خلاف الحقيقة أننى- والعياذ بالله- أشوه ذكرى الرسول، متناسين أن من شوهها حقيقة هو من مزجها بالدم.
دعنى أصارحك بداية بأننى لا أعير لهذه الاتهامات اهتمامًا، لأننى والحمد لله خلصت نفسى من مرض «رهاب الأصوات العالية»، وأقنعت نفسى أيضًا بأن مهمتى ليست إصلاح القلوب الخربة، وأننى لا أخاطب أبدًا أصحاب الأيديولوجيات العقيمة، لكننى أخاطب أصحاب الفطرة السلمية، أو على الأقل من هم على استعداد لأن يصلحوا فطرتهم دون غرض أو مرض، ولهذا سأزيد المهاجمين من الشعر بيتًا، وأقول لهم إننى فى هذا المقال لم أهاجم الإسلام الذى أتشرف بالانتماء إليه، ولم أحاول أن أشوّه رسول الإسلام الذى أؤمن برسالته، وأضعها فى أقدس موضع فى القلب، لكننى مع ذلك أرى أن الإسلام متهم بكل ما تعنيه الكلمة.
نعم.. الإسلام متهم، وإننى أعتقد أن عادة دفن الرؤوس فى الرمال لم تعد مجدية، فنعم ليس كل المسلمين إرهابيين، لكن- للأسف- كل الإرهابيين مسلمون، فى مصر، كما فى فرنسا، كما فى تركيا، كما فى بلجيكا، كما فى أمريكا، كلهم مسلمون، وكلهم مؤمنون مثلك بما جاء فى كتب الفقه البالية، كما يؤمنون مثلك بالمأثورات الدموية، كما يقدسون مثلك هؤلاء المحرضين على الدماء، المستحلّين لإزهاق أرواح الأبرياء من أهل الديانات الأخرى، وكلهم مثلك يقنعون بالقشور، ويتخذون موقفًا من أى كاتب بعد أن يسيئوا فهم عنوان مقالة دون حتى أن يكلفوا خاطرهم بقراءة ما جاء بمتن المقال، وإن لم ندرك حقيقة غفلتنا هذه، ستظل الدماء مسفوكة، وستظل أرواحنا منهكة، وسيظل بلدنا فى أسفل سافلين.