فى كلمته أمام مؤتمر الشباب يوم السبت الماضى قال الرئيس السيسى إنه لا يخاف من أحد على مصر إلا من غياب وعى بعض المصريين، الكلمة كانت بيت القصيد ولخصت المأساة التى نعيشها فى المواجهة مع الإرهاب والتحديات والمخاطر التى تواجه مصر ليس الآن فقط ولكن منذ سنوات طويلة.
الوعى المفقود الذى ضاع ونتج عنه ضياع هوية مجتمع بأكمله وأعمدته الإنسانية والحضارية والثقافية والاجتماعية وتركناه فريسة للتخلف والجهل وتجارة الموت والدم والفتنة وأهملنا عقله الجمعى حتى استيقظنا على صوت القنابل والرصاص والتفجيرات داخل كنيسة ومسجد وفى تجمعات عامة ثم ذهبنا لحل العرض وغضضنا الطرف عن علاج المرض.
المسألة، كما قلنا وكتبنا مرارا وتكرارا منذ بداية التسعينيات، ليست الجانى فى الحوادث الإرهابية الذى ألقى قنبلة أو وضع عبوة ناسفة أو أطلق الرصاص أو فجر نفسه بحزام ناسف، المسألة أعمق من ذلك ولخصها الرئيس فى معنى الوعى الذى أدى إلى أدوات القتل.
هذه هى الحقيقة العارية التى تجاهلناها وأغفلناها فى الحل الشامل والمواجهة الشجاعة للعنف والتطرف والإرهاب.
دفن الرؤوس فى الرمال وسياسة المراوغة واللف والدوران وعلاج الحوادث بذات الطريقة البائسة التقليدية باجتماعات لا طائل منها، هى إحدى الأمور التى أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن، فالشاب الصغير محمود شفيق الذى فجر نفسه فى الكنيسة البطرسية مثله مثل الذى وضع العبوة الناسفة فى كمين مسجد السلام أو الذى قام بحرق وتدمير أكثر من 80 كنيسة فى محافظات مصر بعد 30 يونيو.. هل هؤلاء هم الجناة الحقيقيون؟!
أسئلة كثيرة لم نجب عنها منذ بداية السبعينيات، منذ أول حادث صغير فى الخانكة، وكما قال الشاعر «فإن معظم النار من مستصغر الشرر»، فقد تهاونا فى إطفاء الشرر الصغير فأصبح حريقا ثم حرائق.
من أهمل التعليم وحوله إلى سلعة يتاجر بها محترفو البيزنيس؟ من أهمل الصحة لصالح تجار الدم؟ من ترك المساجد والخطاب الدينى فى أيدى تجار الدين وأصحاب الأفكار الشاذة والتدين الصحراوى؟ من أهمل مؤسسات الثقافة فى القرى والكفور والنجوع؟ من ترك الساحة لفتاوى الفتنة والعنف والقتل وشيوخ الغبرة حتى اختطفوا وجدان شبابنا واستولوا على عقولهم وحولوهم أدوات القتل والتخريب والتكفير.
لا سبيل إلا بالحل الشامل والمواجهة الشجاعة دون مراوغة ولف ودوران حتى يعود الوعى المفقود.