حالة من الذعر تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية ، منذ بداية الحديث عن تدخل روسيا فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وترجيح كفة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ، فى وقت بدأت فيه العديد من وسائل الإعلام التأكيد على أن إدارة باراك أوباما تعاملت باستخفاف مع التحذيرات التى أطلقها مراقبون قبل أقل من شهرين ، من اختراق الشبكات الإلكترونية الحكومية من جانب الروس.
وفى تقرير لها الاربعاء، أقرت صحيفة "نيويورك تايمز" بسقوط الإدارة الأمريكية فريسة لفرق التجسس الروسية الإلكترونية مؤكدة أن استجابت واشنطن كانت بسيطة ودون المستوى، وقالت: "اخطر الـ"FBI" اللجنة المركزية للحزب الديمقراطى فى سبتمبر 2015 برصد اختراق أحد أنظمة الكمبيوتر للحزب من قبل قراصنة أطلق عليهم المحققون الفيدراليون اسم الدوقات وهو فريق تجسس إلكترونى مرتبط بالحكومة الروسية، وتم رصدهم والعمل على محاولة طردهم من أنظمة البريد الإلكترونى غير السرية للبيت الأبيض وللخارجية الأمريكية وحتى هيئة الأركان المشتركة، والتى تملك واحدة من أفضل الشبكات الحكومية من حيث الحماية التى تحظى بها".
وأضافت الصحيفة إن هذه كانت أول بادرة خفية لحملة التجسس الإلكترونى وحرب المعلومات التى عكرت صفو الانتخابات الأمريكية، وهى أول محاولة من هذا النوع من قبل قوة أجنبية فى التاريخ الأمريكى. وما بدأ كعملية لجمع المعلومات، كما يعتقد المسئولون، تحول فى النهاية إلى محاولة للإضرار بمرشحة وهى هيلارى كلينتون ـ على حد قول الصحيفة ـ وترجيح كفة الانتخابات لصالح منافسها دونالد ترامب.
ومثل فضيحة أخرى شهيرة فى الانتخابات الأمريكية، تتابع الصحيفة، وهى فضيحة ووتر جيت، بدأت باختراق للحزب الديمقراطى، المرة الأولى قبل 44 عاما فى مكاتب الحزب فى مجمع ووتر جيت، حيث زرع اللصوص أجهزة تنصت وحاولوا فتح خزانة الملفات. لكن هذه المرة كان اللصوص يقومون بعملهم من مكان بعيد موجهين من قبل الكرملين.
وقالت نيويورك تايمز إنها درست العملية الروسية بإجراء المقابلات مع عشرات الأطراف التى تم استهدافها فى هذا الهجوم، ومسئولو الاستخبارات الذين حققوا فى الأمر ومسئولو إدارة أوباما الذين يبحثون عن أفضل رد ممكن، وكشف هذا عن سلسلة من الإشارات المفقودة والاستجابات البطيئة والتقليل المستمر من خطورة الهجوم الإلكترونى.
ولم تستغل الإدارة الأمريكية فرصة مخاطبة "FBI" للحزب الديمقراطى التى كانت أفضل فرصة لوقف التوغل الروسى. وأدى الفشل فى فهم حجم الهجمات إلى تقويض جهود الحد من تأثيرها. كما أن تردد البيت الأبيض فى الرد بقوة كان يعنى أن الروس لن يدفعوا ثمنا باهظا لأعمالهم، وهو القرار الذى يمكن أن يكون هاما فى ردع أى هجمات إلكترونية مستقبلية.
وقالت الصحيفة إن النهج الذى تبناه "FBI" إزاء هذه القضية والذى لم يعط لها أهمية كبرى أدى إلى تمتع القراصنة الروس بحرية فى التجول على شبكة اللجنة المركزية للحزب الديمقراطى لقرابة سبعة أشهر قبل أن يتنبه مسئولو الحزب للهجوم، ويوظفوا خبراء إلكترونيين لحماية أنظمتهم. وفى غضون ذلك، انتقل القراصنة إلى أهداف خارج اللجنة المركزية للحزب الديمقراطى وتسللوا إلى البريد الإلكترونى لرئيس حملة كلينتون جون بوديستا بعد شهر، والذى تم تسريبه.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن الأيام الماضية شهدت جدالا معلنا غير عادى بين الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذى يشكك فى وجود دور روسى فى الانتخابات الأمريكية، ووكالات الاستخبارات والحزبين الديمقراطى والجمهورى، وكان الجدال حول ما إذا كان هناك دليل على أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قد تجاوز محاولة التجسس إلى محاولة لتخريب عمدى للديمقراطية الأمريكية واختيار الفائز فى الانتخابات الرئاسية.
ويعتقد الكثير من المساعدين المقربين لكلينتون إن الهجوم الروسى كان له تأثير عميق على الانتخابات، بينما يعترفون أن هناك عوامل أخرى منها ضعف كلينتون كمرشحة وفضيحة البريد الإلكترونى الخاصة بها وتصريحات مدير "FBI" عن تعاملها مع المعلومات السرية، كانت مهمة أيضا.
ويأتى تقرير الصحيفة بعد تصاعد مطالب السياسيين الأمريكيين من كلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى بضرورة إجراء تحقيق حول تدخل روسيا فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التى أجريت الشهر الماضى لصالح دونالد ترامب، وذلك بعدما كشف تقييما أجرته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سى أى إيه" عن وجود دور لموسكو بالفعل.
وقالت صحيفة واشنطن بوست، إن عضوين جمهوريين بارزين بمجلس الشيوخ الأمريكى انضما إلى الدعوات المطالبة بتحقيق مشترك من الحزبين، الجمهورى والديمقراطى، حول دور روسيا المشتبه به فى التدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لدعم دونالد ترامب.
وانضم كل من السيناتور ليندسى جرهام، وجون ماكين رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ، إلى زعيم الأقلية الديمقراطية القادم تشارلز شومر والديمقراطى البارز بلجنة الخدمات المسلحة جاك ريد، لإجراء تحقيق شامل وبمشاركة الحزبين حول التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية.
وقال أعضاء مجلس الشيوخ الأربعة فى بيان لهم إن التقارير الأخيرة عن التدخل الروسى فى الانتخابات ينبغى أن تثير قلق كل أمريكى، ويجب أن يعمل الديمقراطيون والجمهوريون معا لدراسة هذه الأحداث الأخيرة بدقة وإيجاد حلول شاملة لردع أى هجمات إلكترونية والتصدى لها.
وأكدوا فى بيانهم على ضرورة ألا تكون هذه القضية خاصة بأحد الحزبين، فالمخاطر كبيرة للغاية لأمريكا، وشددوا على التزامهم بالعمل بهذا الأسلوب غير الحزبى والسعى لتوحيد رفاقهم حول هدف التحقيق ووقف هذه التهديدات الكبرى، التى تمثلها الهجمات الإلكترونية من قبل حكومات أجنبية على الأمن القومى الأمريكى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة