إنهم يلعبون بنا ويجعلوننا نتخبط ونتصادم بلا بصيرة مستغلين عدم ثقتنا فى بعضنا البعض
نريد أن نعرف نوعية هذا الكائن الخسيس الذى يستحل أرواح أطفال وسيدات وهم يصلون لله ويفجرهم إلى إشلاء، أى تركيبة نفسية أو عقائدية حركت فيه هذا التوحش ليفكر وينفذ هذه الخطيئة التى لا يقبلها عقل إنسان أو حيوان، هذه الدموية الوضيعة كيف اكتملت أركان دناءتها بهذه الصنوف الإنسانية المتعفنة فى كل شىء، وصورت لهم بأن هذه الأفعال القذرة تأتى فى إطار المعارضة السياسية أو الجهاد باسم الدين، وإن كنت أيقنت الآن أن الموضوع أكبر بكثير من ذلك.
فنحن بالفعل فى حرب مع غول مخيف لا شكل له ولا أخلاق، وتجهيزات العمليتين الأخيرتين تؤكد أننا مستهدفون من جهة محترفة تعرف جيدا كيف تنفذ هذه العمليات الوضيعة بأفضل الأساليب وأعلى النتائج، ويكفى أن التحريات الأولية أثبتت أن الإعداد لمذبحة الكاتدرائية استغرق شهورا طويلة وتكاليف طائلة وخبرات غير عادية، لذلك لم يبالغ الرئيس السيسى حينما قال قبل الحادث بيوم واحد «نحن نواجه جماعات إرهابية ظلامية تسعى إلى خراب وتدمير الوطن وترتبط أيديولوجيا وماديا بقوى خارجية تسعى لبث الفوضى والعنف إقليميا من خلال دعمها للتنظيمات الإرهابيـة فـى عدد من الدول المجاورة التى تعانى من حالات اضطراب يسعى البعض لأن تطـــول مصرنا العزيـزة وأيضا نواجه فسادا يحاول أن يعرقل كل جهود التنمية والتطوير»، فتأتى مذبحة الكنيسة البطرسية لتؤكد أننا جميعا فى خطر داهم وأنها حرب حقيقية تتطلب من الجميع الوقوف فى صف واحد وتجاهل أى خلافات اقتصادية او سياسية.
نحن لا نملك رفاهية الخلاف الآن طالما كان ثمنه تفتيت هذه الدولة لذلك إشد ما أفزعنى تلك الحشود التى تجمعت وقت الكارثة لتصرخ ضد الغلاء والأسعار، فلا هذا مجاله ولا هذا وقته، ورجوع هذه الحشود التى اعترضت طريق الإعلاميين بالضرب والسباب وسعيهم لنشر الفوضى والعنف والاحتقان بين الناس والدولة، وإنشاء كيانات مجهولة ومريبة مثل حركة «غلابة» وما شابه التى كانت تدعوا المواطنين للتظاهر أو الاعتصام على هامش العزاء الكنسى!!
هى بلا شك من أذناب تلك الكيانات الإرهابية، لذلك لا مكان لأى مواطن شريف بينهم ولا مجال لتبرير هذه بأى نوع من المعارضة، ومحاولة هز الثقة بين المصريين وقادتهم فى هذه المرحلة تعتبر جريمة لا تقل خطورة عن الخيانة والإرهاب، فقد أفزعنى أن أتلقى قصيدة عامية انتشرت على «الفيس بوك والواتس آب» بعنوان «أجمل ما فيكى يا مصر العيدية تحكى قصص ومذابح الإرهاب الدامى الذى يستهدف إخواتنا الأقباط ليحرك فيهم مشاعر الكره والنفور من الدولة».
المرحلة القادمة للأسف ستشهد العديد من التحديات والمشاكل وإذا فقدنا الثقة والإيمان ببعضنا البعض فقد نفقد معه كل الوطن، والانجراف الأعمى وراء هذه المشاعر المغلوطة قد يودى إلى كارثة وعلينا جميعا أن نواجه هذه الأفكار المسمومة التى تتكالب على نشرها لجان إلكترونية لا تقل خطرا عن سفك الدماء والتفجيرات، هم يحاولون مرة أخرى أن نرجع للنقطة صفر وأن ندخل فى متاهات الفوضى الخلاقة والبحث عن طيور الظلام وأساطير اللهو الخفى، ويستغلون الإحباط العام الناتج عن الضغوط الاقتصادية التى يعانى منها الأغلبية أو الاحتقان المتزايد بين المصريين وتوسيع الخلافات العقائدية أو السياسية، أنهم يلعبون بنا ويجعلونا نتخبط ونتصادم بلا بصيرة يرسمون جرائمهم الخسيسة ويشعلون النار فى النفوس مستغلين ثقتنا الضائعة فى بعضنا البعض وعدم قدرتنا للوصول لأى حقيقة أو يقين، للمرة الأخيرة هى مرحلة فى غاية الخطورة تتطلب أن نفكر فقط فى الدفاع عن هذا الوطن الذى لن نملك من بعده أى شىء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة