الأمن وحده لن يستطع محاربة الإرهاب.. هى مقولة تتردد منذ بداية الثمانينيات مع صعود ظاهرة الجماعات الدينية المنظمة بقوة واعتناقها أفكار التكفير والتطرف والعنف، لكن الدولة التى اكتوت بنيران الإرهاب بعد احتضانه واحتوائه لضرب اليسار فى الجامعات والنقابات المهنية فى السبعينيات، لم تستمع إلى ضرورة التصدى للأفكار الشاذة عن المجتمع المصرى بوسائل أخرى تتواكب مع المواجهه الأمنية.
لن نعود إلى نبش الماضى ومعرفة كيف تربت وترعرت تلك الجماعات فى أحضان الدولة وبرعايتها فى زمن المرحوم السادات حتى قتلوه فى يوم احتفالات أكتوبر ثم بدأت المواجهة الأمنية مع النظام الجديد فى الثمانينيات والتسعينيات دون البحث عن الأسباب والدوافع الحقيقية التى حولت هؤلاء إلى أدوات للقتل والعنف والتكفير.
تشخيص المرض هو البداية للعلاج وهناك الكثير من حقائق الإدانة يجب الاعتراف بها كنوع من التشخيص قبل العلاج.. فالإرهاب نما وترعرع عندما تخلت الدولة المصرية عن مشروعها الثقافى وقوتها الناعمة وسمحت بمشروع بديل يسيطر على عقول ووجدان المصريين مع بداية الحقبة النفطية والانفتاح على أفكار البداوة والصحراء والسماح لتلك الأفكار بالانتشار فى المجتمع المصرى حتى قبل الفضائيات عبر شرائط الكاسيت والكتب الوهابية التى تدفقت من الصحراء إلى النيل لتبث أفكار التخلف والجهل والفتنة.
انتشر الإرهاب عندما سمحت الدولة لمشايخ الغبرة التابعين للوهابية المقيتة بالظهور فى المساجد والزوايا ونشر أفكار التكفير والكراهية والفتنة الطائفية وفقة النكد وعذاب القبر وحجاب المرآة.
انتشر الإرهاب عندما عالجنا قضايا الفتنة الطائفية بعناق الأيدى وبالأحضان وبتبويس اللحى وبيت العائلة و«عاش الهلال مع الصليب» ثم لا شىء بعد ذلك حتى تراكمت المشاكل وتعقدت وغابت العدالة وانتشر العرف بعيدا عن تطبيق القانون.
هل لنا أن نسأل ماذا فعلنا بمشاكل العنف الطائفى فى قرى الصعيد خاصة المنيا هل تحقق العدل وتم تطبيق القانون الناجز بعدم التمييز، والمساواة فى الحقوق والواجبات دون النظر إلى الديانة والعرق واللون والجنس؟، ماذا حدث من وعود لقرية دلجا بالمنيا التى تعرضت بعد فض رابعة لأقصى درجات العنف والتشريد والتدمير، ووعدتها الحكومة بإعادة الترميم للكنائس وعودة المهجرين لمنازلهم وبناء مستشفى ومدرسة وغيره.. ولم يحدث شىء حتى الآن، وماذا فعلنا لمديرة المدرسة المسيحية فى إحدى قرى المنيا واعتراض الطلاب على استمرارها فى منصبها، وماذا فعلنا مع رئيس مدينة قنا المسيحى والرضوخ لصوت الغوغاء بإبعاده؟.
هل تعاملنا بحزم وقوة مع البرهامى والحوينى ويعقوب وحسان على فتاوى الفتنة الطائفية فى كل مناسبة للأخوة المسيحيين هل أظهرت الدولة هيبتها لهم حتى يعلموا أن الفتوى من اختصاص المؤسسات الدينية فقط؟.
أجيبوا عن هذه الأسئلة أولا ثم تعالوا نبحث فى مواجهة الإرهاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة