مصر ليست حقل تجارب لمؤامرات العابثين فى الداخل والخارج، وليست ساحة يمارس فيها أصحاب الأموال المشبوهة ألاعيبهم المدمرة، للنيل من أمنها واستقرارها والسخرية من مشاكل شعبها.. مصر قوية وصامدة وشامخة وصابرة، لا يهزها حادث ولا ينال منها متآمر، وقادرة بإذن الله أن ترد الصاع صاعين، فهؤلاء المتآمرون لا ينفع معهم التسامح والصبر، ولا يردعهم ضمير أو خوف على مستقبل هذا الوطن ومصيره، فالمصالح الشخصية والتحالفات الغامضة لا يجدى معها إلا القانون الواضح والإجراءات الحاسمة.
استنهض حادث الكنيسة البطرسية الروح والهمم والعزائم لقطع دابر الفتنة، لأن الخطر كان كبيرا بحجم الكارثة، ولأن كثيرين تولد لديهم إحساس قوى بأن الأصابع التى تحرك الأحداث من وراء الستار آن أوان قطعها، ولأن المكاشفة والمصارحة كانت الضوء الفعال الذى أزاح الدخان قبل أن يتصاعد فى الهواء.
أهم الدروس المستفادة هو «اليقظة»، وفى مرات سابقة، كان مستصغر الشرر يصبح حريقا كبيرا بسبب «الغفلة» والتكاسل والتراخى والبرود، ولكن فى الفتنة الأخيرة أفاق الجميع بسرعة، وعُقدت الاجتماعات على أعلى مستوى وصدرت البيانات، وتم ضبط الجناة فى زمن قياسى، وأدرك الإرهابيون أن العقاب هذه المرة سيكون رادعا، وتراجعت عمليات التحريض الإعلامى الذى اعتاد أن يدق الطبول، ويرقص مثل الذئاب فى الوليمة، فالأحداث تولد صغيرة ويجعلها الإعلام كبيرة، ولكن هذه المرة استفادت الخبرة المصرية درسا جديدا يجب أن تتمسك به، وهو عدم السماح لسحابة الإعلام السوداء بأن تلوث الأجواء، وتصيب الناس بأضرارها.
وأهم الدروس المستفادة- أيضا- الروح الوطنية العظيمة التى تعامل بها الأقباط مع الحادث، فرغم فداحة المصاب اختفت أصوات المهيجين والمحرضين، وأدرك الجميع أن الدولة المصرية تتعامل مع كل أبناء الوطن على قدم المساواة، وأن حربها ضد الإرهاب هى وجود وبقاء، ولن تتساهل أبدا مع الأيدى القذرة التى تعبث وسوف تقطعها بسيف العدالة الباتر.
لن تركع مصر إلا لله، ولن تخضع لضغوط ولا تقبل شروطا، وتزيدها المحن والأزمات قوة وصلابة، تضاعف قدرتها فى الحرب المصيرية ضد الإرهاب، وحرص الخطاب الرئاسى على استنهاض مخزونها الاستراتيجى وقوتها الخشنة والناعمة، وظهرت عظمة أبنائها فى التصدى لكل محاولات الفتنة والوقيعة، وتجسدت قوتها فى وحدة شعبها، ورسمت معالم مستقبلها فى أن يعيش مسلموها وأقباطها فى سلام ووئام.