"عجوز يزرع المستقبل فى سيناء".. "سبعينى" يقطع مئات الكيلو مترات حاملا الهدايا لأطفال الشيخ زويد.. الدكتور عادل قاسم يقود قافلة تنمية للعقول فى وجه الإرهاب.. ويؤكد: خير أجناد الأرض يواجهون الموت لنعيش

الخميس، 15 ديسمبر 2016 01:26 م
"عجوز يزرع المستقبل فى سيناء".. "سبعينى" يقطع مئات الكيلو مترات حاملا الهدايا لأطفال الشيخ زويد.. الدكتور عادل قاسم يقود قافلة تنمية للعقول فى وجه الإرهاب.. ويؤكد: خير أجناد الأرض يواجهون الموت لنعيش الدكتورعادل قاسم
شمال سيناء ـ محمد حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"تحيا مصر.. تحيا مصر"، نداء يخرج من حناجر مئات من الأطفال الصغار، ساخنًا وعفيًّا، يردّدونه خلف رجل مسنّ وسط فناء مدرسة ابتدائية على مشارف مدينة الشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، يعقبه لهو ومرح وتسابق، وجميعهم يحملون البلالين الملونة بين الرجل الذى تجاوز عمره السبعين، ومن لا تتجاوز

الدكتور قاسم

الدكتور قاسم

أعمارهم العاشرة والحادية عشرة، جميعهم غير عابئين بأصوات الطلقات النارية التحذيرية التى تتردد بين وقت وآخر، من أسلحة متوسطة وثقيلة، لتهز جنبات المكان حولهم، بينما تستمر اللحظات الهادئة بين الرجل السبعينى والأعواد الخضراء طويلا، حتى تنتهى بحصولهم على هدايا من الكتب والملابس الشتوية، يحملونها عائدين إلى منازلهم، بينما تتوهج السعادة فى وجوههم، ويسيطر الارتياح على الدكتور عادل قاسم، عضو هيئة التدريس بجامعة الزقازيق، الذى سافر مئات الكيلو مترات حاملا رسالة محبة لبناء الوطن من موضع جرحه، ومع زهور مستقبله.

مع اطفال مدينة الشيخ زويد
 

مع اطفال مدينة الشيخ زويد

عادل قاسم: جئت هنا لأتعلم منهم وأنقل عنهم معنى الوطنية والثبات
 

يتحدث الدكتورعادل قاسم عن تجربته ورحلته، قائلاً: "جئت هنا لأتعلم منهم وأنقل عنهم معنى الوطنية والثبات، جئت أخاطب عقولهم الصغيرة بما يترسخ فيها وينمو، وليس بطونهم بما يتطاير ويتسرب، جئت لأواجه عدو وطنى الذى يريد قتلى من خاصرتى فى هذا الجيل البرىء، لأحتضنهم قبل أن يختطفهم منى".

 

 اطفال فى قرية الجورة يساعدون فى توصيل الهدايا

اطفال فى قرية الجورة يساعدون فى توصيل الهدايا

 

وعبر "قاسم" فى تصريح لـ"اليوم السابع"، عن مغزى رحلته من القاهرة لسيناء على رأس قافلة خير حملت اسم الأسرة التى يشغل ريادتها بجامعة الزقازيق "أسرة شعاع الخير"، واتخذت من مناسبة المولد النبوى الشريف فرصة للوصول لأطفال صغار فى مدينة الشيخ زويد وقراها، فى سابقة هى الأولى من نوعها، يرى أنها تمّت بفضل نبل الهدف وتيسير الله، ثم إدارك رجال القوات المسؤولة فى المنطقة لنبل المسعى، ووقوفهم إلى جانب القافلة وتيسير مرورها بل وحمايتها وتأمينها لتصل إلى من يستحقون من الأطفال أبناء الأسر الصامدة والمكافحة فى الشيخ زويد ورفح.

 مع اطفال ومعلمين
 

مع اطفال ومعلمين

تفاصيل رحلة البحث عن الوطن.. من "شعاع الخير" لأرض سيناء
 

يروى الدكتور عادل قاسم لـ"اليوم السابع" تفاصيل رحلة البحث عن الوطن فى عقول أطفال سيناء فى مناطق الشيخ زويد ورفح، لافتًا إلى أن "شعاع خير" أسرة خيرية بجامعة قناة الزقازيق، يتركز نشاطها على خدمة المجتمع المحلى بمحافظة الشرقية، وهبّت فى العام 2010 لتقديم المساعدات لضحايا سيول شمال سيناء، ومنذ هذا التاريخ وحتى اليوم يتواصل دورها فى شمال سيناء، وقد أخذت على عاتقها أن قضيتها هى تنمية عقول، وليس البطون، فليس المغزى أن نحمل مساعدات تؤكل، ولكن مساعدات تنمى العقول، وعلى وجه الخصوص عقول الأطفال الصغار، وكانت أول ثمار هذا التوجه تطوير مدرسة "المغارة" فى جبال وسط سيناء، لتتحول من "خرابة" لمدرسة حقيقة، ثم تنظيم زيارات متتابعة لقرى سيناء فى كل مناسبة وطنية نجدها فرصة لأن نحتفل بينهم، بعيدًا عن صخب العاصمة وكبرى المدن، نقضى يومنا نتعلم منهم ونعلمهم، نلعب معهم وندُرّس لهم، ويتلقون منا ونختتم بتقديم هدايا لهم، ومن يقومون بهذا الجهد شباب "شعاع الخير" من طلبة الجامعة، ومن يبقون على صلة بها بعد تخرجهم، يعاونهم شباب شمال سيناء القائمون على مبادرات خيرية هناك، جميعهم يعملون ويسخرون طاقتهم بما يفيد الوطن، بدلا من الجلوس والنقمة على الجميع، وهذه الجهود هدفها بناء بشر وليس بناء حجر، فنحن أصحاب رسالة عقلية ولسنا مقاولين أو أصحاب مشروعات خاصة أو نتلهف لتوزيع مساعدات عينية أو مادية.


 مع الطفل اسامه صاحب عبارة امى ماتت
 

مع الطفل اسامه صاحب عبارة امى ماتت
 

وتابع الدكتور عادل قاسم حديثه قائلاً: "تجربتنا الأخيرة التى ما زلنا نخوض غمارها تختلف نوعا ما، فقد عقدنا العزم على أن نصل للأطفال فى قرى الشيخ زويد ورفح ووسط سيناء فى ذكرى المولد النبوى، ونجهز لهم هدايا عبارة عن كتب تتحدث عن سيرة الرسول الكريم، ونزودهم باحتياجاتهم من ملابس شتوية وأغذيه مجففة، نعلم أنهم بحاجة إليها فى ظروفهم الحالية، وكانت البداية برصد احتياجات الأطفال فى هذه المناطق، وتجميعها بمساعدة بنك الطعام وبنك الكساء وجمعية المستقبل الأمين، وكل من نطرق بابهم من أهل الخير، وجهزنا شنطة صغيرة بها كتب تتحدث عن سيرة الرسول، وهدايا ولعبًا تحث على القراءة والتعلم، من أقلام وألوان وقصص وكتب تعلم القراءة بشكل جاد، إضافة لبطانية وشال وبلوفر".


 

رائد "شعاع الخير": نعلم أن الهدف ليس سهلا
 

ويضيف رائد أسرة "شعاع الخير": "نعلم أن الهدف ليس سهلاً الوصول إليه صعب، فكلما نطرق بابا يقال لنا صعب الوصول لتلك المناطق للظروف الأمنية بها، ولكن كلما اقتربنا من جهات الأختصاص، يدركون نبل رسالتنا وتسهل الأمور، وقد تحركنا  فى 7 ديسمبر الجارى من القاهرة إلى سيناء على 3 محاور، هى: محور الوصول لوسط سيناء عبر الطريق الأوسط، ووصلنا لمدارس المغارة والمنجم والمنبطح، ثم محور التحرك لمناطق أعمق وهى المنبطح وأم قطف ووادى العمر، ومنها حاولنا التحرك شمالا نحو مدارس قرى جنوب الشيخ زويد، ولكن الاعتبارات الأمنية حالت دون ذلك، وعاودنا المحاولة على محور طريق العريش الشيخ زويد الساحلى، وقابلنا صعوبات الدخول من بوابة الريسة شرق العريش، وتسهلت الأمور بعد محادثات مع الجهات الأمنية المسؤولة فى هذا المكان، وما زادنا عزيمة وشرفًا أن هذه الجهات بنفسها أمّنت تحركنا تحت زخات رصاص الحراسات من المدرعات التى  تحيط بنا، فسار موكب قافلتنا من العريش حتى  مدينة الشيخ زويد، إضافة إلى تأمين تشوين سيارات النقل فى مكان آمن تابع لجمعية خيرية بالمدينة".
 اثناء تحية العلم صباحا فى مدارس الشيخ زويد

اثناء تحية العلم صباحا فى مدارس الشيخ زويد
 

حكاية القافلة وخريطة حركتها فى شمال سيناء وقراها
 

وعلى صعيد أهداف القافلة فى سيناء وآلية تحديدها، أشار الدكتور عادل قاسم إلى أنه بعد ذلك حصل على قائمة بأسماء المدارس داخل المدينة، وانتقل إليها برفقة الشباب، وممثل عن نائب المنطقة فى مجلس النواب، وأصبح يقضى وقته يوميًّا فى هذه المدارس صباحًا، يحمل إليهم ما أتى به من القاهرة، ويقضى يومه معهم، ثم يعود ليلا لغرفة صغيرة يتخذها سكنا مؤقتا له فى مقر الجمعية الخيرية.

ويضيف "قاسم": "لم يتوقف الأمر عند ذلك، لأن هدفى الوصول للأطفال فى مناطق جنوب الشيخ زويد، الذين يتعذر دخول السيارات لمناطقهم بسبب الأوضاع الأمنية، ولكن لقناعة القائمين على الأمر من رجال قوات الأمن، تم تيسير الأمر والسماح بدخول القافلة، ومرت وسط طرق صعبة، حيث مخاطر الموت المفاجئ فى أى لحظة نتيجة اشتباك أو انفجار عبوة ناسفة، وعند الوصول لمركز هذه القرى، وهى قرية الجورة، فوجئت بدموع الضباط والجنود وهم يستمعون لشرحى عن هدف القافلة، ويدركون مسعاها، بل ويسمحون لنا بالمرور لنضع الحمولة فى مقر جمعية خيرية بالقرية، ومنها يتم التسليم لطلبة المدارس، وكانت المفاجأة لنا أن من ينتظروننا هم أطفال القرية الصغار، بل ويرفضون التصوير، وحجتهم أنهم يرحبون بنا ولا يريدون الظهور أمام العالم وكأنهم متسولون للمساعدات، رغم أننا نعلم أنهم فى ظروف معيشية بالغة الصعوبة، وهذا ما وجدته أيضًى فى أطفال كل القرى جنوب الشيخ زويد، فى رسالة بالغة الإنسانية وعميقة المعنى.


 

عادل قاسم: من يستحقون الشكر رجال القوات المسلحة والأب والأم والابن السيناوى
 

يستطرد الدكتور عادل قاسم فى حديثه، مشيرًا إلى أنه يكون سعيدا عندما يعود ليلا لاستراحته بعد الانتهاء من توزيع الهدايا بالمدارس نهارا، ويسعد بنظرات الأهالى عندما يقابلونه فى الشوارع مقدمين الشكر والعرفان، حتى أنه قرر البحث عن منزل فى المدينة ليكون استراحة خاصة به، ويتمنى أن تحذو كل الجامعات حذو جامعة الزقازيق فى هذا السياق، مؤكّدًا أن رئيس  جامعة الزقازيق عندما علم بدورهم بدأ فى التجهيز لقيادة قافلة أخرى لمدينة الشيخ زويد، إضافة إلى قيادة مبادرة تحولت لأمر واقع، عبر مشروع لتطوير مستشفى العريش من خلال إرسال بعثه تدريبية دائمة من أطباء الجامعة بالتعاون مع جامعتى القاهرة والمنصورة، لإعداد كوادر بالعريش والتمهيد لإنشاء كلية طب العريش.

وتساءل الدكتور قاسم، أين دور نقابة المهندسين؟ فكلنا يجب أن نكون شركاء مع الدولة فى الحرب التى تخوضها من خلال أدوارنا فى مواقعنا وتخصصاتنا، وأيضا لنقابة المعلمين دور مهم جدا، وأقول لكل شعب مصر إننى قابلت خلال رحلتى خير أجناد الأرض فعلا لا قولا، جنود مصر يقفون ببسالة يحمون المكان ويواجهون الموت ببسالة، ولولا مخافة أن يقال لى إنى أتملق لأمر عبر الطرق المغلقة، لقبلت أياديهم وهم يقبلون رؤوسنا بعد أن أدركوا نبل مسعانا.

وأشار "قاسم" إلى أن من يستحقون الشكر بعد رحلته هذه من بعد الله، هم رجال القوات المسلحة، والأب والأم والمعلم السيناوى الذين يناضلون فى هذه الأماكن، والطفل السيناوى الصغير، مؤكّدًا أنه تأثر أكثر من مرة بكل هذا الإصرار على الحياة من جانب الأطفال رغم صعوبة الحال، وقابل الطفل "أسامة" صاحب  عبارة "أمى ماتت ومات معها كل شىء"، وسرّته ابتسامته البريئة وهو فى حالة من الفقر الصعب، مختتمًا: "نسعى خلال المرحلة المقبلة للعمل على المساعدة فى تطوير مستشفى الشيخ زويد المركزى، ودخول المناطق التى عاد إليها الأهالى فى إحياء مدينة الشيخ زويد لمساعدة أطفالها".

 فى المدارس
فى المدارس

 

 مع الاهالى والطفال
مع الاهالى والطفال

 

 درس مع تلميدات بالشيخ زويد
درس مع تلميدات بالشيخ زويد

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة