من الصعب السيطرة على تدفق الأخبار والمعلومات، فى ظل هذا الانفجار فى أدوات الاتصال. عندما يتعلق بقضايا الإرهاب والجنايات المشهورة. وهى ظاهرة من سنوات، اتسعت خلال السنوات الأخيرة، وتتضمن عرض ومناقشة كل القضايا الجنائية، والإرهاب أمام الفضائيات أو على صفحات التواصل، والسعى لتبرئة أو إدانة متهم، لدرجة أن المحامين أحيانًا يتكاسلون عن طرح وجهة نظرهم أمام القضاء، ويطرحونها فى برامج «التوك شو». وهناك قطاعات تعتبر نشر أسرار التحقيقات سواء كانت حقيقية أو مزيفة أمرًا طبيعيًا. وتصبح المرافعة أمام الكاميرات وليس أمام المنصات.
قضية التفجير الانتحارى الإرهابى فى الكنيسة البطرسية آخر الأمثلة، وجدنا خبراء فارغين يفندون ويشككون فى بيانات رسمية، فيرد عليهم محللون بأدلة وفيديوهات. والنتيجة حالة إثبات ونفى، واستباق، تؤثر بالطبع على سير التحقيقات، وتثير بلبلة وسط الرأى العام. وللأسف بعض ذوى النوايا الطيبة يخدمون الجناة.
اللافت هنا أن فريقًا ينتقد رد الفعل من جهات تدافع عن مصداقيتها فى مواجهة المشككين. ويتجاهل الفعل. انتقد بعض المعلقين عرض عملية تجميع وجه المتهم، وتفاصيل جهود الأدلة الجنائية، وشهادة الفتاة التى رأت الإرهابى أمام المشاهدين، واعتبروه مخالفًا لمواثيق النشر والإعلام، وفى المقابل أشاد كثيرون بما قدمه الإعلام من صور وأدلة واعتبروها نصرًا مهنيًا، فى مواجهة حالة تشكيك بلا أى أدلة ولا قرائن تخدم الإرهاب.
اللافت للنظر، أن من انتقدوا عرض الوجه والأدلة لم ينتقدوا استباق البعض والتشكيك، وهى ازدواجية واضحة، التسامح مع ناس فى فريقنا، وادعاء الإنسانية والتشكيك فيمن نختلف معهم . وفى المقابل فإن كل الأطراف تعترض على دعوات لفرض قواعد عامة مجردة، مثلما هو فى الدول المتقدمة، أن يكون الالتزام بالبيانات الرسمية، وأن تعين جهات التحقيق متحدثًا رسميًا يقدم ما يسمح بنشره للإعلام، ويرد على ما يظهر من شائعات أو أخبار مغلوطة. مع الأخذ فى الاعتبار أنه من الصعب السيطرة على النشر فى ظل اتساع أدوات التواصل، ويفترض أن تتعامل الجهات المسؤولة معها، باعتبارها واقعًا يفترض معالجة آثاره، وأن يكون هذا قانونًا يطبق على جميع الأطراف. ويتم منع طرح مايتعلق بالقضايا المعروضة من دون إذن جهات التحقيق.
لكن حتى دعوات الإلزام والتنظيم تواجه باعتراضات وتخضع للهوى. وتجعلنا أمام أطراف كل هدفها الكاميرات، واحتلال مكان تحت الأضواء أيًا كان الثمن. حتى لو كان الإضرار بالقانون. والحل تطبيق القانون، وإتاحة المعلومات، ومواثيق على الجميع، وليس على طرف واحد.