لولا ما مرت به مصر من أحداث، خلال الأسبوع الماضى، لتناولت ما جاء فى مؤتمر الشباب الشهرى الأول بالمناقشة فى عدة مقالات متتابعة، وذلك لخطورة القضايا التى تطرق إليها، وأهمها على الإطلاق قضية «التعليم»، فجميعنا يدرك تمام الإدراك أن ملف التعليم من أخطر الملفات التى يجب أن تفتحها مصر على مصراعيها، وجميعنا يدرك أن دولة بلا تعليم هى دولة ميتة، ودولة ينحدر فيها المستوى التعليمى هى دولة تحتضر، وهذا للأسف هو حالنا.
استمعنا خلال المؤتمر إلى كلمات واقتراحات وأفكار، وفى الحقيقة فإنى سأتوقف هنا عند مداخلة السيد وزير التعليم «الهلالى الشربينى» التى انتظرت الاستماع إليها، باعتباره المسؤول الأول عن هذا الملف، وفى الحقيقة أيضا، فإن أهون ما يقال عن هذه الكلمة، هو أنها كلمة مخيبة للآمال، فلا تطوير ولا يحزنون، ويكفى أن السيد الوزير حينما أراد أن يعدد «إنجازات الوزارة» أمام الرئيس وضع فقرة تقول: إنه صحح الأخطاء الموجودة فى الكتب الدراسية، وكأن تصحيح الخطأ «إنجاز» كما أنه حينما تحدث عن «المناهج التعليمية» خلط بين «المنهج» و«المواد الدراسية»، فالمنهج هو الطريقة التى يتم التدريس بها، أما المواد فهى حزمة المعلومات أو «المعارف» التى ينبغى على الطالب استيعابها، وهو أمر لا يمكن غفرانه، خاصة أن مسألة «الخلط» هذه حدثت أكثر من مرة، منها مرة عبر هذه المساحة، حيث خاطبت وزارة التعليم العام مطالبا إياها بتدريس مادة «تاريخ الفن» فى المراحل التعليمية الأساسية فى مقال بعنوان «ولماذا نحب مصر إذن؟»، فردت الوزارة بأنها تدرس مادة «التاريخ» بالفعل، وحينما شرحت لها فى مقال الفرق بين «تاريخ الفن» و«التاريخ» لم تنبس ببنت شفة.
ما سبق يؤكد أن الأزمة التى نعانى منها هى أزمة منهج، أزمة فى طريقة التفكير وكيفية السلوك، ولهذا لا أرى عيبا فى أن نطلب من مركز أبحاث علمى عالمى دراسة الوضع التعليمى فى مصر ووضع خطط للنهوض به، كما أننى لا أرى عيبا فى الاستعانة بعلماء أجانب للتدريس فى الجامعات المصرية لما فى ذلك من إرساء للقواعد العلمية السليمة، وفكرة استقدام علماء للتدريس فى الجامعات أراها أكثر ملاءمة لوضعنا من فكرة إرسال البعثات، وإن كانت لا تغنى عنها، لأن العالم الواحد سيدرس لمئات الطلاب ويتعايش معهم فيتعلموا منه ويستفز «حاسة الإنجاز والإجادة» عند مدرسينا، وبالمناسبة هذا أمر تفعله أعظم جامعات الكون، وكانت تفعله جامعاتنا وقت أن كانت «جامعات».