فى الدفاع.. سنجد من يقول: «زيارة مستشار العاهل السعودى إلى سد النهضة الإثيوبى مسألة عادية، ولا يجوز تفسيرها بأنها رسالة موجهة إلى مصر»، ومما يرجح ذلك أن قصة سد النهضة بمشاكله مع مصر ليست هى السبب فى توطيد العلاقات الإثيوبية السعودية، وإنما الأهم منه هو علاقة إثيوبيا بالنزاع السعودى اليمنى على أساس أن إثيوبيا دولة حدود مع اليمن.
فى الهجوم.. سنجد من يقول: «الزيارة رسالة موجهة إلى مصر، والأسباب معروفة وتتعلق جميعها بمخاوف مصرية مشروعة من تأثير سد النهضة على حصة مصر من مياه النيل، ومما يرجح ذلك أن رئيس الوزراء الإثيوبى «هلى ماريام ديسالين» دعا السعودية إلى دعم سد النهضة ماديا والاستثمار فى إثيوبيا، وأن السعودية تخطط للاستفادة من «السد» فى توصيل الكهرباء إلى السودان واليمن.
فى كل الأحوال فإن زيارة المسؤول السعودى للسد، حدث لا بد من الوقوف أمامه لقراءته جيدا لمعرفة ماذا يعنى لمصر؟ وأول ما يلفت النظر فيه، أن الزائر هو أحمد الخطيب، مستشار العاهل السعودى، وأن زيارته لم تكن مدرجة على جدول لقاءاته فى إثيوبيا حاليا.
إقحام الزيارة على الجدول، ثم تسريب الأنباء عنها إلى الإعلام من الطبيعى أن تستقبله البلاد المعنية بملف مياه النيل طبقا لما يشغلها، وفى حالة مصر فإنه لم يعد خافيا أن هناك قدرا من الفتور فى العلاقات المصرية السعودية بسبب الخلاف فى وجهات النظر حول الأزمة السورية تحديدا، ولو أضفنا المخاوف المشروعة لمصر من بناء السد، وهى أقدم من خلافات مصر والسعودية حول الأزمة السورية، فإن حاصل كل ذلك سيرجح وجهة النظر القائلة، بأن زيارة مستشار الملك إلى سد النهضة ليست بريئة، وأنها رسالة إلى من يعنيه الأمر، ولأننا أكثر ما يعنيهم الأمر، فإنها رسالة لنا. فى سنوات سابقة، وبالتحديد منذ أواخر سبعينيات القرن الماضى، شاعت وجهة نظر فى تفسير حرص إسرائيل على الحضور فى دول حوض النيل وهى: «الحصول على ما تريده من دولة المصب يأتى من القدرة على التأثير على دولة المنبع»، أى أن إسرائيل تهدف من علاقتها مع «دول الحوض» إلى أن تستخدمها كورقة فى الضغط على مصر.. فهل ينطبق على زيارة مستشار العاهل السعودى لسد النهضة مبدأ «المنبع والمصب»؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة