ما مصير «العائدون من داعش»؟ السؤال مطروح فى تونس علنا، وأيضًا فى الدول العربية والأوروبية التى شارك مواطنوها فى القتال مع «داعش والنصرة» وأخواتهما، فى العراق وسوريا وليبيا، ويتوقع عودتهم فى حال انتهاء الحرب فى هذه المناطق، خاصة بعد هزائم تلقتها هذه التنظيمات، عشرات الآلاف من المقاتلين يتوقع عودتهم لبلادهم، خاصة هؤلاء الذين لن يجدوا غطاء أو مأوى بعيدا عن ساحات الحرب، وهم متهمون بالانخراط فى الأعمال الإرهابية، فضلا عن أنهم مدربون على التفجيرات والقتل وهو ما يجعل استيعابهم مسألة صعبة، كما أن عدم استيعابهم يمثل خطرا.
الأمر طرح فى تونس قبل أيام عندما أعلن الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى، استعداد حكومته لاستقبال التونسيين العائدين من الحرب فى سوريا والعراق، ما أثار موجة غضب تخوفًا من أن تفتح تونس أراضيها لعودة واحتضان الإرهابيين، زعيم حركة النهضة راشد الغنوشى يؤيد إقرار قانون «التوبة» أمام المقاتلين الذين يريدون العودة، وهو قانون اقترحه عام 2014 الرئيس السابق المنصف المرزوقى، لكن الاتحاد التونسى للشغل، أهم تشكيل نقابى، رفض وأكد فى بيان له «التطبيع مع الإرهابيين ممن مارسوا أبشع أنواع القتل والتنكيل بالجثث يحول تونس ملجأً للإرهابيين»، وقال المعارضون إن التجارب فى الجزائر أثبتت أن التوبة «كانت وهمًا من القتلة»، الاتحاد طالب بتطبيق قانون الإرهاب بعيدًا عما سماه «المقايضات السياسية»، متهما حركة النهضة بدعم مقربين منها، تم إرسالهم ضمن حملات تجنيد المقاتلين للحرب فى سوريا، وطالب أطرافا تونسية بمعاقبة كل ساهم فى إراقة الدماء، محذرا من دخول مئات بطرق غير مشروعة، ليتحولوا إلى خلايا إرهاب نائمة يمكن أن تنشر الفوضى.
ولا توجد أرقام محددة للدواعش، فبعض التقديرات غير الرسمية تحدد المقاتلين التونسيين فى سوريا والعراق وليبيا بأكثر من 3500 مقاتل يمثل تفكيرهم فى العودة معضلة أمنية واجتماعية، خاصة مع عدم القدرة على التمييز بينهم حسب العنف، وهم وقود لأى تنظيمات إرهابية محتملة.
هناك دول أخرى غير تونس تواجه نفس المأزق الذى يكرر تجربة أفغانستان بعد هزيمة السوفييت، تجاهلت الولايات المتحدة وحلفاؤها المقاتلين فى جبال باكستان وأفغانستان، وعادوا لبلادهم فى موجات الإرهاب، والأمر هذه المرة أكثر تعقيدًا، حيث يقدر المقاتلون الأجانب فى سوريا والعراق وليبيا ومالى واليمن بحوالى 6000 مقاتل، بينما ترتفع بعض التقديرات لتعلن أنهم يتجاوزون 30 ألف مقاتل يمثلون قلقًا فى الدول العربية والأوروبية، بعضها يطالب بإسقاط الجنسيات أو السجن للعائدين، وهو مأزق يبدو أنه بحاجة لمناقشة دولية تحدد الموقف منهم، حتى لا يتكرر مأزق جوانتانامو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة