أحمد إبراهيم الشريف

فقط.. لأنه تحدث بالعربية

الجمعة، 23 ديسمبر 2016 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعيش زمنا صعبا، علينا أن نعترف بذلك، ليس على الواقع الإقليمى فقط، لكن على المستوى العالمى، كأننا فى عصور الظلام، الإنسان لا يأمن لأحد، والخوف يفرض شروطه على الجميع، وينشر كائناته الكئيبة بين الناس فى كل مكان فى الدنيا، أصبحنا نسير فى حياتنا فاقدين الشعور بالأمان، خاصة من المختلفين معنا، والأشد خطورة فى الأمر هو أننا صرنا غير قادرين على بث روح الأمن فى نفوس الناس، وفى الوقت نفسه الذى نرفض فيه تصرفاتهم أصبحنا غير قادرين على لومهم، فكل الشعوب وصل إليها الإحساس بالفزع من الآخر الذى يخبئ لهم ما لا يعلمون.
 
وفى حكاية بسيطة لكن دلالتها خطيرة، تم إنزال شاب أمريكى يمنى الأصل، يدعى آدم صالح، وهو مدون معروف على «يوتيوب»، من على طائرة تابعة لشركة «دلتا آيرلاينز» فى لندن، بسبب انزعاج ركابها من حديثه باللغة العربية مع أمه، هذا الأمر نشره «آدم» على تويتر، حيث كتب «تحدثنا بلغة مختلفة فى الطائرة فطردونا»، ونشر فيديو له من داخل الطائرة والناس بين موافق على الفعل ومعترض، أما شركة الطيران، فنشرت بيانا يبرر إخراج الشاب بسبب «إثارته الإزعاج فى المقصورة، ما دفع أكثر من عشرين راكبا إلى التعبير عن الضيق»، وأكدت فتح تحقيق لمعرفة ملابسات الحادثة، من دون أى ذكر لمحادثة بالعربية، لكنها قالت إنها تأخذ المزاعم بالمعاملة العنصرية بصورة جدية.
 
هل لاحظتم الكارثة الكامنة خلف هذا الأمر، وهل شعرتم بأن العالم مقدم على كارثة، وهل أحسستم نوعا ما أنكم غير قادرين على لوم الأشخاص الذين ارتكبوا هذا الفعل العنصرى تماما، لأنكم تعذرون خوفهم.
 
أصبحت الأسئلة هى الأكثر تداولا، ولا إجابات كافية، فى كل يوم كارثة تحدث، مما يجعلنا نتساءل: كيف سيتعامل الناس مع بعضهم طالما الخوف يسيطر بهذا الشكل الغريب، وأصبح مجرد الحديث بلغة مختلفة، خاصة العربية، يثير الذعر بهذه الطريقة الصعبة، وكيف ستكون صورة العربى والمسلم فى أذهان الأجيال المقبلة فى العالم الغربى؟ هل ستصبح أسوأ مما انتهت إليه؟ هل ستصبح صورة واحدة مقيتة وصعبة عن الإرهابى الذى يكره كل شىء؟ وكيف سيكون مصير اللاجئين العرب والمسلمين فى بلاد الغرب، لو سيطر ذلك الذعر على الجميع؟
 
كنا نظن أن العالم يسير ليصبح قرية واحدة صغيرة، لكن الإرهاب دفعنا جميعا للانزواء فى كهوفنا مرة أخرى، سيعود الأمريكى بسبب خوفه لصورة راعى البقر الهمجية ويعود الأوروبى لنرجسيته والعربى سينصب خيمته، ويجلس أمامها ثم يطلق الرصاص، ليؤنس وحدته. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة