ليس أمام العالم من وقت حتى يستمع لصوت العقل، الداعى إلى وضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، تضمن وقف إمداد الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والمقاتلين، لأن القضية لا تحتمل رفاهية الوقت، فالإرهاب يحاصر الجميع بمن فيهم من قدموا كل التسهيلات المادية والمعنوية للإرهابيين، بل إن هؤلاء هم أكثر المتعرضين لخطر الإرهاب حاليًا، لأن الشيطان انقلب على صانعه، ولم يستطع صناع الإرهاب السيطرة عليه.
ليس خافيًا على أحد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أول من حذر من خطورة الإرهاب على العالم، وأنه من الأهمية إيجاد مقاربة دولية لمكافحته والتصدى له، من خلال تكثيف التنسيق والتعاون بين جميع دول العالم للتصدى الحاسم للإرهاب، واقتلاع جذوره، خاصة من جانب الجهات التى تقف خلف الجماعات الإرهابية وتساندها وتمولها، وتفتح لها الحدود، لكن للأسف الشديد يرى العالم الإرهاب ينتشر ويتمدد، لكنهم عازفون عن المواجهة والتصدى له، رغم أن الآلية واضحة أمامهم، لكنهم لا يريدون أن يرونها.
مصر عانت ولا تزال تعانى من الإرهاب، وتفجير الكنيسة البطرسية لن يكون الأخير، لكن مصر ليست وحدها التى تقف فى مرمى الإرهاب، فتركيا الضالعة فى تأسيس وإنشاء وتمويل الجماعات الإرهابية فى عدد كبير من دول العالم، بمساعدة ومساندة من دول إقليمية أخرى، وعلى رأسها قطر، تعانى هى الأخرى من هجمات إرهابية طالت العشرات من المواطنين، وآخر هؤلاء السفير الروسى الذى أطلق عليه الرصاص ضابط شرطة تركى، تغذى بالفكر الداعشى الذى يرعاه رجب طيب أردوغان، رغم ما يمثله هذا الحادث من خطورة شديدة على تركيا، ووضعية الحكومة التركية فى العالم كله، كونها باتت فى وضع محرج، لأن أحد المسؤولين عن حفظ الأمن أصبح ضالعًا فى عملية إرهابية بقتل دبلوماسى من المفترض أن يكون مسؤولًا عن حراسته.
الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا دول كبرى، وتمتلك أحدث الأجهزة فى مواجهة وتعقب الجريمة والجناة، لكنها لم تستطع مواجهة الإرهاب، فوقعت فريسة لعمليات إرهابية حصدت أرواح إبرياء كثيرين، واختاروا طريقًا مختلفًا فى المواجهة، فقرروا أن السبب هو الهجرة السورية إلى أوروبا والولايات المتحدة، ونسوا أو تناسوا أن هناك من يدفع الإرهابيين إلى سوريا والعراق لينضموا إلى تنظيم داعش، ثم العودة مرة أخرى إلى بلدانهم الأوروبية ليكونوا بمثابة القنابل الموقوتة القابلة للانفجار فى أى لحظة.. ركزوا على النتيجة، وهى الوضع المأساوى فى سوريا والعراق، ونسوا المتسبب فى أن تتحول الدولتان إلى ملجأ للجماعات الإرهابية، وأصحاب الأفكار المتشددة، نسوا من فتحوا الحدود للإرهابيين، ومنحوهم جوازات سفر وأوراق ثبوتية مزورة، نسوا ذلك فضاعت منهم البوصلة.
القضية أصبحت جد خطيرة، لا أحد ناجيًا من الإرهاب، لأن الأمر لا يتعلق فقط بداعش أو جبهة النصرة، وإنما فى الفكر الذى يستمد منه الإرهابيون أفكارهم، وكذلك فيمن يمولون ويقدمون الدعم المادى والمعنوى والإعلامى لهؤلاء، ويكفى أن نشير إلى واقعة واحدة حتى نعرف من هو الإرهابى، وكيف تتم صناعته، وهى واقعة إعدام الإرهابى عادل حبارة، الذى اعترف بقتله لـ25 من جنودنا الشرفاء فى سيناء، لكن جماعة الإخوان تسابقت لإعلان حزنها على إعدام حبارة، واعتبرته شهيدًا، كما أن الإعلام الإخوانى المدعوم من المخابرات القطرية والتركية راح يروج لفكرة المظلومية التى تعرض لها حبارة، فى سياق خطة ممنهجة يسير عليها هؤلاء للترويج للشباب المضطرب فكريًا ودينيًا واجتماعيًا أيضًا، بأن حبارة وغيره من القتلة والإرهابيين هم شهداء من أجل الدفاع عن قضية معينة.. هكذا يصنع الإخوان وقطر وتركيا الإرهاب فى المنطقة.
أمام العالم الآن فرصة ذهبية للقضاء على الإرهاب، فقط إذا تلقوا الدعوة المصرية، وعملوا على إيجاد مقاربة دولية، واستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، تضمن وقف إمداد الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والمقاتلين، لأنهم إذا لم يتحدوا الآن خلف هذا الهدف، فسيتحول العالم كله إلى ساحة مفتوحة أمام الإرهابيين ينفذون فيها ما يريدونه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة