هذه رسالة وصلت أحد الأصدقاء من العميد متقاعد، مهندس تادرس عزيز بدوى، مصرى، مقيم فى أستراليا، ولا أملك إلا أن أنشرها كما جاءت:
«بعد حادث الكنيسة البطرسية قام أعضاء بعض الجمعيات، وممثلو الأحزاب المصرية، مع بعض أفراد من الجالية المصرية، بعقد اجتماع يوم 12/12/2016 لمناقشة الحادث الجلل، وإرسال خطاب إلى الرئيس السيسى، حول هذا الموضوع، تم توزيع ورقة على المجتمعين، بها صيغة مقترحة، من أحد عشر سطرًا للخطاب، وجاءنا توجيه من رئيس الجلسة، والذى سيقوم بتنظيم وإدارة الحوار، بأننا جئنا هنا لكى نستنكر، ونشجب، وندين، وعلينا أن نلتزم بصيغة الخطاب التى وزّعت علينا. وتعجّبت لأنه إذا كان الأمر هكذا فلماذا دُعينا للحضور؟!».
وعندما جاء دورى فى الحديث قلت: «لو كنت أعرف أن الأمر هكذا لما حضرت، فأنا لا أحضر للتصديق على مواضيع سابقة التجهيز، ولا أتلقى تعليمات بما أقول، وبما لا أقول».
أما الإدانة والشجب والاستنكار، فهذا ما تفعله الدول العربية بالنسبة لقضية فلسطين منذ عام 1948 وحتى الآن، وكانت النتيجة ضياع فلسطين، ومازالوا يدينون، ويستنكرون، ويشجبون، وأنا لا أريد لمصر أن تتفكك وتضيع، وتختفى من على خريطة العالم، كما اختفت فلسطين.
مواجهة الإرهاب، الآن، تحتاج إلى شجاعة، وموضوعية، وصراحة، أكثر من ذى قبل، فقد سئمنا التصريحات الروتينية، وتقبّل العزاء ممن لهم دور فى صناعة الإرهاب، ومع ذلك فهم أوّل من يستنكروا ويدينوا، ويتبرّأوا منه؟!
الإرهاب فكر، والإرهابيون يطبّقون ما جاء فى كتب التراث، وما تلقوه من علم فى جامعات ومعاهد تشرف عليها الدولة، ويتم تمويلها من أموال دافعى الضرائب.
فى برنامج «كل يوم» حلقة يوم 16/12/2016، قال الدكتور الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فيما يتعلق بالقصاص من المسلم إذا قتل غير المسلم: «أربعة أئمة قالوا لا قصاص، أى لا يؤخذ دم المسلم بدم غير المسلم، المذهب الحنفى فقط هو الذى يقول هناك قصاص!»، وأردف قائلًا: «نحن ندرّس الخمس مذاهب، ولكن يطبّق مذهب واحد؟!»، وأنا أقول: «ولكن يوجد أربعة مذاهب لا تعاقب المسلم إذا قتل غير المسلم، فماذا لو جاء حاكم وطبّق هذه المذاهب الأربعة؟!»، طبعًا سيكون مطبّقًا لشرع الله، ويصبح قتل المسلمين لغير المسلمين يتم بدون عقاب، وهذا مايؤمن به وينفذه الإرهابيون فعلًا، إذن فهم لا يخالفون الشريعة!!
وتحضرنى مداخلة للشيخ خالد الجندى، فى برنامج «العاشرة مساءً»، قال فيها: «نعم نحن ندرس فى الأزهر أن بناء الكنائس مخالف للشريعة الإسلامية، ويجب هدم الموجود منها»، وأردف قائلًا: «ولكننا لا نعمل بها؟!».
الأزهر هو من رفض فى يوم 16/11/2011 القانون الموحّد لبناء دور العبادة، وقتل مبدأ المواطنة، المادة الأولى من الدستور، وهو الذى أعاد تدريس المناهج التى تحض على الكراهية والحقد وعدم الاعتراف بالآخر، بعد أن كان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الراحل، رحمه الله، قد ألغاها ومنع تدريسها.
الشيخ محمد متولى الشعراوى: «أروع من قدّم التفسير العصرى للإسلام كعقيدة ومنهج»، هكذا وصفه الصحفى محمود فوزى، الذى سأله: «الأخوة الأقباط زعلانين منك جدًا على أثر الحديث التليفزيونى الذى هاجمتهم فيه؟!»، أجابه فضيلته قائلًا: «يوم ما يغضب منى «أعداء الله» يكون شرف لى، فمن يتعرّض لدين الله ولا يكون له خصوم يبقى «قلّ ميراثه من نبيه!».
إذن لكى يزداد ميراثك من النبى أيها المسلم تعامل مع المسيحيين على أنهم أعداء الله!
خطيب المسجد الأقصى فى القدس الشيخ عصام عميرة، قال: «إن الفكرة أن يكون المسلم مؤدّب ومسالم مع غير المسلمين هى فكرة غير صحيحة، حتى لو كانوا مسالمين لا يعتدون على أحد، مؤكدا أن على المسلمين «إخضاع» غير المسلمين لأنهم «لا يستحقون» التنعم بالحياة»، وكالة «ميمرى» وموقع لينفا 20/10/2016.
الشيخ ياسر برهامى، كتب على موقعه «أنا السلفى»: «إنما يكذب على الله وعلى دينه من قال من المعاصرين، إن الجزية قد انتهت، وإنها فى ذمة التاريخ، والمسيحيون إرهابيون ومتطرفون يستعدون بالسلاح والتدريب داخل الأديرة، وهدم الكنائس غير حرام شرعًا، إن من يهدمون الكنائس ويقيمون فى النصارى «أمر الله» مثل الخليفة عمر بن عبد العزيز، منصورون، ومن دون ذلك فهم مغلوبون، ومقهورون!».
د.أسامة الأزهرى، الأستاذ الأزهرى، والذى تم تعيينه فى مجلس النواب، لم يعترض على الداعية الحبيب الجفرى، عندما قال: «نحن لانترحّم «أى لانقول الله يرحمهم» على الأقباط، لأننا لا نترحّم إلاّ على من نصلّى عليهم»، كان ذلك فى برنامج «ممكن» الذى يقدمه خيرى رمضان على قناة CBC فى حلقة عن الأقباط الذين ذبحتهم داعش فى ليبيا.
هذا هو حالنا اليوم، وما أوصلنا إليه هو عقد الجلسات العرفية للصلح وليس تطبيق القانون، وعدم محاكمة أى مسلم يزدرى الدين المسيحى، ويحرّض على المسيحيين، وعدم إصدار قانون لتفعيل المواطنة، فهى حبر على ورق، والاكتفاء بالشجب والاستنكار والإدانة.
تطوير الخطاب الدينى هو فى نفس أهمية القرارات الاقتصادية الأخيرة، وربما أهم، وإلا سيستمر الإرهاب. هل سيستجيب الأزهر ويطوّر الخطاب الدينى؟! لا أظن!».
انتهت رسالة تادرس عزيز بدوى.. إحنا آسفين ياتادرس.