عقلاء المسلمين والمسيحيين يجب أن يقودوا الأمة، وأن يرسموا طريقها إلى المستقبل، وأن يسحبوا السجادة من تحت أقدام الإرهابيين والمتطرفين والمشعوذين وأصحاب الأجندات الخارجية، وفى احتفالات اعياد المسيحيين وليلة 7 يناير، مصر كلها تهنئ شركاء الوطن بعيدهم وتقول لهم إن حادث الكنيسة البطرسية مصاب مصر كلها.
استقرار الوطن هو الدرع التى يحمى جميع أبنائه، وتصون حياتهم وممتلكاتهم، ومن يهز هذا الاستقرار، فهو يضرب فى مقتل ميثاق التعايش والتآخى، ولو جاءوا بجيوش الأرض، فلن يحمى مصر إلا أبناؤها، ولن يدافع عنها إلا شبابها، أما هؤلاء المتربصون بها، فلا يضمرون إلا شرا، ويظهرون كالثعالب الماكرة، ولكن بلدنا يعيش فيه المسلم مع المسيحى فى نفس الشارع والبيت والعمل، ويجلسان معا على نفس المقهى ويركبان الأتوبيس، وهما نسيج ملتحم لا ينفصل.
ارتفع أهالى شهداء الكنيسة البطرسية فوق الأحزان، وأكدوا بصوت عالٍ أن أقباط مصر سوف يحتفلون بعيد الميلاد، وسوف تفتح الكنائس أبوابها لاستقبال إخوانهم المسلمين للتهنئة بالعيد المجيد، فى كل كنيسة يقام قداس، وترتفع الترانيم خفاقة فى السماء، تحمل عبق مصر وتسامحها وقوتها وشموخها، مصر الواحدة التى تقف على قلب رجل واحد، فى حماية الشعب والجيش والشرطة، لأن دور العبادة لها كل القدسية والاحترام، ومن يعتدى على كنيسة كمن يعتدى على مسجد، ويجب أن تقطع ذراعه التى تهددها بسوء.
قداسة البابا تواضروس نموذج رائع للمصرى الذى يخاف على وطنه، ويواجه الأزمات بروح وطنية خالصة، ويعى تماما حجم المؤامرات التى تستهدف النيل من تلاحم المصريين، ومحاولات بث الفتن وتأجيج المشاكل، ويعمق رسوخ أقباط مصر كجزء من نسيجها الوطنى الذى يضرب فى أعماق التاريخ.
عدونا واحد ويجب أن يتصدى له الجميع، ونرفض الشعارات والهتافات التى تتجاوز الأدب والقيم والأخلاق، فمثل هذه التصرفات لا تخدم إلا هذا العدو، فالبلد بلدنا جميعا، والضرر ضرر لكل واحد فينا، وانتبهوا أيها الغاضبون وارتفعوا فوق أحزانكم، فمصر هى المستهدفة وهذا ما يريده الإرهابيون بالضبط، أن تتفتت وحدة الأمة، ويقف أبناء الوطن الواحد على طرفى المواجهة، وحادث الكنيسة البطرسية يجب أن يكون نقطة فاصلة تبدأ بعدها مرحلة جديدة للتعامل مع كل صور التطرف التى ابتليت بها البلاد، التطرف الفكرى والتلوث الإعلامى ودعاة الفتنة والفرقة، فأمن الوطن فوق كل شىء، أما هؤلاء الذين يلعبون بالنار، فيجب ضربهم بيد من حديد.
.. وللحديث بقية.