التواصل مع الإعلام والرأى العام الفريضة الغائبة عن وزارة شريف إسماعيل
عزيزى القارى.. بدايةً كل سنة وأنت طيب، مضى عام 2016 بخيره وشره.. ويا رب العام المقبل يكون أفضل لك ولكل المصريين.. العام الماضى كان صعبا.. لكن أذكر له دائما أنه كان عاما للشائعات.. ولو كان لدينا مركز لرصد وتحليل الشائعات فأظن أن عام 2016 سيحتل المرتبة الأولى من حيث كثرة وتنوع الشائعات وتأثيرها القوى فى الرأى العام، والأمثلة كثيرة ولا داعى لذكرها.. طبعا أغلب هذه الشائعات أطلقها الإخوان وأعداء الوطن، لكن هناك شائعات يطلقها مواطنون عاديون ليس لهم علاقة بالسياسة، وإنما تحركهم المخاوف، والمؤكد أن انتشار الشائعات يرجع بالدرجة الأولى لصمت الحكومة وغياب دورها الاتصالى والإعلامى، أو حديثها المتأخر والبطىء وغير المهنى.
وأحيانا تتعامل بعض وسائل الإعلام والسوشيال ميديا مع الشائعات بطريقة خاطئة، فتعيد نشرها، وبالتالى تتضخم الشائعات وتنتشر أكثر، لكن أخطاء الإعلام هنا تعود جزئيا أيضا للوزارة التى لا تقدم له معلومات، ولا تسارع بنفى الشائعات فى وقت مبكر، ويبخل كثير من المسؤولين على الإعلاميين بالأخبار والإجابات الوافية أو يدلون بقليل من المعلومات دون أن يسمحوا للصحفى أن يذكر أسماءهم، لذلك انتشرت فى الصحافة المصرية تعبيرات «خايبة» وغير مهنية، مثل صرح مصدر رسمى.. وقال مسؤول بوزارة كذا.. وأفادت مصادر مطلعة.. هذه التعبيرات وغيرها اختفت من قاموس الصحافة والإعلام فى العالم، لكنها للأسف حاضرة فى الصحافة المصرية، والمفارقة أن بعضها يكون دقيقا وصحيحا، لماذا؟ لأن المصدر الرسمى أو المسؤول يكون قد قال كلاما مهما للصحفى، لكن لديه تعليمات من الوزارة بعدم الإدلاء بها، لكنه يرى أهمية أن يطّلع عليها الرأى العام، وفى الوقت نفسه يخشى من عقاب الوزارة، فيطلب من الصحفى عدم ذكر اسمه أو وظيفته.
المشكلة أن بعض الصحفيين يختلقون أخبارا غير دقيقة وينسبوها للمصدر غير الرسمى أو المسؤول الذى قد لا يكون له وجود أصلاً، ولاشك أن إسراع الحكومة بسن قانون حرية الحصول على المعلومات «نص عليه الدستور» سيساعد الصحافة والحكومة والمسؤولين على تحقيق الشفافية والدقة، واطلاع المواطنين على الحقائق، وبالتالى يختفى تجهيل المصادر من الأخبار، وننجح فى حصار غول الشائعات وآثارها السلبية.
لابد أن يراجع شريف إسماعيل وحكومته خطابهم الإعلامى، وأساليب اتصالهم بالرأى العام، لأن خطابهم الإعلامى متعثر وبطىء وشبه غائب، ولا يظهر تقريبا إلا عندما تقوم الوزارة، وفى توقيت متأخر، بتكذيب شائعة أو نفى خبر أو تصريح عن مسؤول أجنبى ضد مصر، حتى أنه يمكن تلخيص الأدوار الاتصالية والإعلامية للوزارة فى نفى وتكذيب ما ينشر عنها وعن مصر، وهو دور سلبى تماما، لأنه يكتفى بالدفاع، ولا يبادر بالتحدث عن نفسه.
المدهش أن شريف إسماعيل وحكومته لديهم مستشارون إعلاميون ومتحدثون رسميون أكفاء ومهنيون، لكنهم لا يتصدرون المشهد، ويبدو أن الرجل قد نصحه أحد بأن السكوت من ذهب، وهذا ليس صحيحا كل الوقت، وقديما قال أفلاطون لأحد تلامذته: «تحدث حتى أراك»، ورسالتى لرئيس الوزراء وحكومته: «تحدثوا حتى يراكم الناس»، وحتى نحاصر الشائعات، وأنا هنا لن أخترع العجلة، وإنما أطالب بتفعيل دور المتحدثين الرسميين والإفادات والمؤتمرات الصحفية اليومية من الوزارة، كما يحدث فى كل بلاد العالم. وأطالب أيضا بأن تنظم كل وزارة لديها أخبار مهمة، لقاءات أو مؤتمرات مع الصحفيين كى تقدمها للجمهور، وأقترح هنا تحديدا أن تقوم وزارات الخارجية والداخلية والتموين بتنظيم إفادات ومؤتمرات صحفية يومية، لأن كل وزارة منها لديها كل ساعة وكل يوم جديد يقال ويستحق النشر، شرط أن يُقدم للإعلام فى توقيتات صحيحة، ويبتعد عن الدعاية، ويُقدم للناس وللعالم الخارجى أخبارا وحقائق عما يجرى فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة