يحب الله خلقه، لذا لا يتركهم هائمين على وجوههم فى الحياة بلا سبيل، فيرسل إليهم من يأخذ بأيديهم ويرشدهم لصلاح أنفسهم، ربما يأتى الرسول فى صورة إنسان ينقل إليهم تعاليم ربهم المنقذة لهم، وربما يكون إشارة ما «كلمة أو حدث»، وربما يكون الرسول هو «الموت»، يقترب حتى تظنه انتصر، ثم يرجع بإذن ربه مانحا للإنسان فرصة لتدبر حاله مرة أخرى.
منذ فترة انتشرت شائعة رحيل اللاعب الكاميرونى «سونج»، بعد إصابته بسكتة دماغية فى منزله، وشعر الناس بالحزن، خاصة أنه لا يزال فى الأربعين من عمره، لكن اللاعب الكاميرونى السابق أتم الله شفاءه، وعاد ليتحدث عن تجربته، واصفا نفسه فيها بـ«العائد من البعيد».
بالطبع كل المصريين يعرفون اللاعب «سونج»، خاصة منذ الأمم الأفريقية 2008، لذا حزنوا حقا عندما سمعوا بإصابته فى مطلع شهر أكتوبر الماضى، الآن تحسنت حالته وتحدث لصحيفة «ليكيب» الرياضية الفرنسية، عن الحياة والموت قائلا: «أتذكر أخانا مارك فيفيان فويه، الذى توفى خلال مباراة مع منتخب بلاده فى مدينة ليون الفرنسية عام 2003، كنا معا فى الصباح، ومعا فى غرف الملابس، ومعا على أرض الملعب، ثم مضى». لا يعرف الناس نعمة الحياة إلا عندما يمرون بتجربة الموت، سواء باقترابهم منه لدرجة التماس فى مرض أو حادث أو بمعايشته فى تجربة قريب لهم أو حبيب مضى فجأة وتركهم يتطلعون لمكانه الفارغ غير مصدقين ذلك الغياب المفاجئ، حينها يعيدون تشكيل الحياة مرة أخرى، ويرون أن هناك أشياء كثيرة تحتاج إلى إعادة الضبط.
والمعنى المقصود الذى وصل لسونج ولغيره ممن مروا بهذه التجربة الصعبة، ليس اليأس من الحياة ولا التفكير فى الموت طوال الوقت، لكن وضع الأشياء فى حجمها الطبيعى، لأن الإنسان عليه أن يعرف أن احتمالية ألا يكون موجودا فى اللحظة التالية مساوية تماما لاحتمالية وجوده.
ما حدث مع «سونج» هو أمر قابل للتدبر، حتى يعيش الإنسان فى هذه الحياة «خفيفا» لا يحمل ظلما، ولا يسلط نفسه الأمارة بالسوء على خلق الله» ترازى» فيهم، لكنه يعمل ويجتهد وهو مدرك تماما أنه مجرد حلقة فى سلسلة طويلة لا أول لها ولا آخر تسمى «الحياة».
المطلع على أحداث العالم الصاخبة والممتلئة بظلم الآخرين يعرف أننا نحتاج بشدة أن نستمع إلى تجربة سونج وآخرين غيره ممن اقترب بهم الأمر لخط النهاية ثم عادوا ليختصروا الحياة، ويكشفوا هشاشتها وقلة حيلتها وهوانها على الله، يقول «سونج» بعد التجربة «الأمور قد تتغير بسرعة فائقة، أعرف ذلك الآن أكثر من السابق، لأننى نجوت بأعجوبة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة