مصر ليست وطنا للفتنة ولن تكون، وسوف يظل المسيحيون جزءا أساسيا من نسيج هذا الوطن مثلهم كالمسلمين تماما، هكذا خلقها الله وطنا مطمئنا، وجعل شعبها يعتنق الوسطية، ويختار التعايش السلمى، ورغم ذلك فيجب أن يكون هناك «واجب منزلى» على عاتق جميع المصريين، فالعبارات الجميلة التى نتحلى بها فى الأزمات وحدها لا تنفع، والشعارات العاطفية هى مجرد مسكنات لا تستأصل التطرف من الجذور.
استئصال المرض لا يكون إلا بترسيخ معالم الدولة المدنية شكلا ومضمونا، وتطهير القوانين من كل الصور التى تناهضها، وتنقية مناهج التعليم والبرامج الإعلامية والخطاب الصحفي، فلا مجاملة فى مستقبل الوطن، ولا تهاون فى حماية أمن واستقرار جميع المصريين.
يجب أن تكون الوحدة الوطنية هى «المشروع القومى» الذى تجتمع تحت رايته الجميع، فلا تزايد عليها ولا تعبث بثوابتها، وأن تكون «قضية أمن قومى» فوق كل المكاسب الحزبية، والألاعيب السياسية، فالمسيحيون جزء من جسد الوطن، شركاء فى الحلم والمصير والمستقبل.
«الواجب المنزلى» يتطلب أن نعيد إلى الأذهان مشاعر الاعتزاز الوطنى والانتماء المصرى، وأن يعلو شعار «أنا مصرى» فى السماء، فوق الهوية الدينية والتصنيف الطائفى.. الهوية المصرية التى تحتوى كل المشاكل والأزمات والتناقضات وتبطل مفعولها وتعالجها فى إطار الحفاظ على الروابط القوية التى تجمع عنصرى الأمة، وستظل هكذا إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.
مصر هى بلد المصريين، الذين منحوا الأمن والحماية للسيدة العذراء والسيد المسيح حين لجأ إليها هربا من بطش الرومان، وهى التى استقبلت عمرو بن العاص فاتحا بالبشر والترحاب.. واختار من أراد من شعبها المسيحية، ودخل من أراد من شعبها الإسلام.. وعاش الطرفان فى حب وسلام، يدافعون عن أرضها، ويتصدون لأعدائها، وامتزجت دماؤهما الطاهرة بتراب هذا الوطن.. فهل يقبلون الآن هذا التهديد السافر من التنظيمات الارهابية؟
مصر قادرة بتلاحم شعبها على أن تحافظ على استقرارها، وعلى وحدتها الوطنية وعلى تماسكها القوى الذى كان بمثابة حائط صد فى مواجهة أعتى المحن والجيوش. اللهم اجعلهذا البلد آمنا من كل خوف، فالطمأنينة هى الهواء الذى نستنشقه والماء الذى نشربه، بينما شعوب كثيرة حولنا تستنشق الدخان وتشرب الدم.. اللهم اجعل هذا البلد آمنا من الفوضى التى تحرق الأخضر واليابس ولا تبقى على شىء.. اللهم اجعل هذا البلد آمنا من الفتن التى تجعل أبناء البلد الواحد أشد ضراوة فى عدائهم لأنفسهم من الغزاة والسفاحين.. إخوتى المسيحيين كل عام وأنتم بخير.