من الممكن أن تصادف بلطجيًا فى إشارة مرور أو فى الشارع أو فى أى مكان آخر، ويحدث بينك وبينه احتكاك عارض، فماذا تفعل إذا أخرج سلاحه فى وجهك؟.. السرقة، القتل، الاغتصاب، البلطجة وغيرها من الجرائم التى تهدد الآمنين، هى الخطر الحقيقى الذى يجب بحث أسبابه والتعامل معها بقوة وحسم، وزاد الأمر سوءا فى سنوات الانفلات الأمنى، فأصبحت الجرائم مخيفة ومرعبة، عنف شديد، قسوة بالغة، اجتراء على القانون، قتل لأتفه الأسباب، استهانة بالحياة، انتهاك لحرمات الآخرين، لا عقل ولا قلب ولا ضمير.
الإدمان أحد الأسباب الرئيسية للعنف، وللأسف الشديد فقد أصبح عدد كبير من الشباب وطلاب الجامعات من المدمنين، ولهذا تحدث الجرائم الغريبة التى يغيب فيها العقل، ولم تعد المشكلة مقصورة على أصدقاء الشارع، ولكن انعدمت رقابة البيوت تمامًا على أبنائها، واختفى الأب الحازم المحترم الذى يراقب أولاده ويحكم تصرفاتهم.. آباء وأمهات اليوم أصبحوا مسوخًا، وقد يتعرضون للإهانات والاعتداءات من أولادهم، وفرطوا فى تربيتهم حتى كبروا، وخرجوا عن السيطرة.
المدرسة بأحوالها الحالية لا تربى ولا تعلم، ويحتاج نظام التعليم فى مصر إلى ثورة حقيقية، فلن يحدث تقدم ولا إصلاح ولا انضباط، إلا بإصلاح التعليم، والدول المتقدمة اقتصاديًا مثل إندونيسيا وكوريا وفيتنام وغيرها بدأت بالتعليم، وأنفقت عليه مليارات، لم تضع فى الهواء، وجنت الثمار بسرعة، فأخذوا من الدعم لصالح التعليم، فالدعم يذهب من البطون إلى المجارى، أما التعليم فيذهب إلى العقول والسواعد، والأمم الواعدة لا تبنيها البطون، بل العقول.
هيبة القانون وأجهزة الدولة يجب أن تكون خطاً أحمر، لأن الدول تحكم بهيبتها وليس بعساكرها، ولا يمكن أن تضع جنديًا أو ضابطًا على كل متهم، وفى كل شارع، فالاستهانة بالقانون أصبحت هى الظاهرة المميزة هذه الأيام، لا أحد يخاف، وكثير من الناس أصبحوا «مستبيعين»، لأن القانون لا يأخذ مجراه، والعدالة بطيئة جدًا، ويتصور البعض أن إضعاف الشرطة، أو الهجوم عليها والتشكيك فيها يصب فى مصلحته، ولكن للأسف الشديد لا يؤدى ذلك إلا إلى مزيد من التسيب والفوضى.
مصر بالفعل فى حاجة إلى إصلاحات اجتماعية كبيرة، تعيد الملامح الأساسية للمجتمع التى أخذت فى التراجع والانحسار، وأفرزت على السطح ظواهر لم تكن معروفة من قبل.. مصر فى حاجة إلى إعادة إحياء القيم والمثل والمبادئ التى ضاعت فى الزحام، فانصرف الناس هائمين على وجوههم، دون أن يدركوا أن القيم هى مفتاح التقدم.