دعونا نعترف أن مصر تواجه أخطر موجة من ارتفاع الأسعار والغلاء بدأت منذ شهرين تقريبا مع قرار الحكومة التعويم الكلى للعملة المحلية مما أدى الى زيادة مهولة وغير معقولة فى الاسعار وبشكل خاص أسعار السلع الغذائية الأساسية مثل الأرز والزيوت والعدس والسكر والألبان وغيرها . اضافة الى أسعار كافة السلع الأخرى التى يتم استيرادها من الخارج أو يدخل فى مكوناتها مواد مستوردة .
التعويم أدى الى ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة المحلية بنسبة 140 % تقريبا وهى النسبة التى زادت بها الأسعار وربما بنسبة أكبر على كافة السلع الغذائية والاستهلاكية الأخرى خاصة أن مصر تستورد أكثر من 70% من احتياجاتها من الخارج وارتفاع سعر الدولار بعد التعويم جاء بالتأثير السلبى والكارثى على الاسعار وموجة الغلاء الحالية التى يبدو أنها مستمرة فى الشهور القادمة. هل كان قرار التعويم للعملة المحلية بشكل كامل هو قرار خاطئ ..؟ هل تم دراسته بدقة ودراسة اثاره الاقتصادية والاجتماعية السلبية ..؟ هل كان هناك من يعارض التعويم الكلي ..؟ أم أننا استسلمنا لروشتة صندوق النقد الدولى..؟
على الورق هناك ايجابيات للتعويم ولكن النتائج حتى الأن ليست هى النتائج المتوقعة من تحرير سعر الصرف- وهى احدى شروط الصندوق لاقراض مصر- فالحصيلة الدولارية لم تتجاوز 6 مليارات دولار فى البنوك – حسب تصريحات محافظ البنك المركزى طارق عامر- وهى حصيلة ضئيلة للغاية فى الوقت الذى تحدث فيه خبراء اقتصاديون عن وجود ما يقرب من 70 مليار دولار متداولة فى السوق غير الرسمى وبشكل عشوائى خارج الجهاز المصرفى.
القرارات الاقتصادية وخاصة قرار التعويم جاءت دون أن تكون هناك اجراءات حكومية موازية للتقليل من حدة التأثيرات السلبية للتضخم وارتفاع الاسار وغلاء المعيشة وتآكل دخول الأفراد على الشرائح الاجتماعية الفقيرة ومحدودة الدخل والمتوسطة.
زادت الأسعار دون أن تكون هناك خطة حكومية موازية لزيادة الانتاج المحلى وتوفير السلع المحلية البديلة وتشغيل المصانع المتعثرة والمتوقفة لتخفيف الصدمة الاقتصادية والاجتماعية وخلق حالة غضب واحتقان بين هذه الشرائح الاجتماعية. اضافة الى غياب الرقابة الحكومية على الأسواق وعدم اظهار " العين الحمرا" للتجار المحتكرين والجشعين.
قضية الأسعار والغلاء يجب أن تحتل صدارة اهتمام الحكومة والدولة فى الفترة الحالية لأنها هذه المرة تفوق الطاقة والاحتمال. نار الأسعار ولهيبها يكتوى به الجميع ولا بد من اطفاءها قبل فوات الأوان. فلا حديث يشغل الناس الآن فى مصر سوى حديث الاسعار والغلاء.