دائمًا فى كل عام يطرح ميلاد السيد المسيح سؤاله الملح: هل ولد المسيح فى 25 ديسمبر أم فى 7 يناير؟.
الأناجيل وقصة الحضارة
الأناجيل لم تحدد بشكل دقيق متى ولد المسيح، وهناك خلاف بين المذاهب المسيحية، فقد ورد فى كتاب قصة الحضارة للكاتب "وول ديورانت" فى الكتاب الخامس الفصل السادس والعشرون "أنه حدد كل من إنجيلى متى ولوقا المسيح فى الأيام التى كان فيها "هيرودس" ملكا على بلاد اليهود، أى قبل عام 3 ق.م، بينما حدده يوحنا بين عامى 1 - 3ق.م، وقد ذكر "ترلتيان" أن "سترنينس" حاكم سوريا أجرى إحصاء عام 8 7 ق.م، فإذا كان هذا الإحصاء هو الذى أشار إليه إنجيل لوقا فإن ميلاد السيد المسيح يجب أن يؤرخ قبل عام 6 ق.م. هذا بالنسبة لتاريخ العام الذى ولد فيه المسيح، أما اليوم الذى ولد فيه بالتحديد فلم يأت على ذكره أى من الأناجيل الأربعة.
وكانت هناك آراء مختلفة قال بها بعض المؤرخين منها أنه ولد فى اليوم التاسع عشر من أبريل، وبعضهم قال بالعاشر من مايو، بينما رأى "كلمنت السكندرى" أنه ولد فى السابع عشر من نوفمبر من العام الثالث قبل الميلاد.
يوحنا المعمدان ومجمع نيقية
يأتى ميلاد المسيح يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر، وذلك حسب الاتفاق الذى حدث فى مجمع نيقية عام 325م، حيث يكون عيد ميلاد المسيح فى أطول ليلة وأقصر نهار (فلكياً)، والتى يبدأ بعدها الليل القصير والنهار فى الزيادة، إذ بميلاد المسيح (نور العالم) يبدأ الليل فى النقصان والنهار (النور) فى الزيادة، هذا ما قاله القديس يوحنا المعمدان عن السيد المسيح "ينبغى أن ذلك (المسيح أو النور) يزيد وإنى أنا أنقص" (يوحنا 30:3)، ولذلك يقع عيد ميلاد يوحنا المعمدان (المولود قبل الميلاد الجسدى للسيد المسيح بستة شهور) فى 25 يونيو وهو أطول نهار وأقصر ليل يبدأ بعدها النهار فى النقصان والليل فى الزيادة.
البابا جريجورى
لكن فى عام 1582م أيام البابا جريجورى بابا روما، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر (عيد الميلاد) ليس فى موضعه أى أنه لا يقع فى أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفرق عشرة أيام، أى يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع فى أطول ليل وأقصر نهار، وعرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ فى حساب طول السنة (السنة= دورة كاملة للأرض حول الشمس) إذ كانت السنة فى التقويم اليوليانى تحسب على أنها 365 يومًا و6 ساعات، لكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أى أقل من طول السنة السابق حسابها (حسب التقويم اليوليانى) بفارق 11 دقيقة و14 ثانية ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان حوالى عشرة أيام ، فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادى (اليوليانى) حتى يقع 25 ديسمبر فى موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمى هذا التعديل بالتقويم الجريجورى، إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر فى جميع أنحاء إيطاليا.
الشيخ العريفى
قام الشيخ محمد العريفى فى إحدى خطب الجمعة بطرح عدد من الأسئلة حول ميلاد عيسى بن مريم عليه السلام وشكك فى التاريخ الذى كتبه المسيحيون فى العالم معتمدا على قراءة للظروف المناخية التى ولد فيها المسيح، ورفض أن يكون المسيح ولد فى الشتاء وذهب إلى أنه ولد فى الصيف، مستشهدا بأدلة من القرآن والإنجيل.
عاصم الدسوقى
وكانت المفاجأة الأخرى التصريح الذى أدلى به أستاذ التاريخ عاصم الدسوقى وأكد فيه أن "يسوع" لم يولد لا فى 25 ديسمبر ولا فى 7 يناير، وإنما فى شهر أكتوبر، معتمدا على الآية القرآنية "وهزى إليك بجذع النخلة"، وبالتالى يكون ميلاده فى موسم البلح وهو يحل فى شهر أكتوبر.
طارق حجى والبابا شنودة
من قبل أثارت تصريحات الكاتب الكبير طارق حجى، حول تاريخ مولد السيد المسيح عيسى عليه السلام، حالة من الجدل بين المؤرخين ورجال الدين، وذلك بعد نشره تفاصيل لقائه مع البابا شنودة فى دير الأنبا بشوى بمنطقة وادى النطرون، حيث قال له البابا "البابا شنودة إنه يعتقد أن المسيح ولد يوم 25 ديسمبر"، وهو ما يخالف ما تذهب إليه الكنيسة القبطية بأن "يسوع" ولد فى تاريخ 7 يناير، وتخالف به الكنائس الغربية.
البابا تواضروس
ويعد تاريخ مولد عيسى، من أبرز نقاط الاختلاف بين الكنائس، وتظهر دائما مبادرات من كبار رجال الديانة المسيحية، لتوحيد تواريخ الأعياد المسيحية، وكان آخرها من البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية وبابا الإسكندرية التى يسعى جاهدا لتحقيق حلم كل المسيحيين فى العالم، بتوحيد الأعياد سواء ميلاد المسيح أو القيامة، وأطلق مبادرة بهذا الشأن، وهو ما لاقى ردود فعل إيجابية من كبار البطاركة والباباوات فى العالم، وعلى رأسهم بابا الفاتيكان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة